[شروط التائب وأوصافه]
  اعتذروا واستغفروا وازدجروا، وتذللوا واعتبروا، واخضعوا وانكسروا، واصبروا على الطاعة - تدركوا الفوز والنفاعة.
  ارغبوا وتقربوا واندموا على المعاصي ولا تصروا، وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون.
  أين الموحدون؟ أين العابدون؟ أين الحامدون؟ أين العارفون؟ أين المقتصدون(١)؟ وأين الطالبون؟ أين المشتاقون؟
  كيف ينامون ولا يشتاقون إلى جنة عرضها السماوات والأرض؟ قصورها من الذهب والجوهر، والياقوت الأخضر، فيها الحور الحسان، والأكاليل والتيجان، تجري من تحتها الأنهار، لباس أهلها الحرير، والسندس والعبقري(٢).
  أين الراغبون؟ أين المجتهدون؟ هذه دار لا تخرب، ولا يفنى شبابها، ولا تبلى ثيابها، أهلها لا يفتقرون، ولا يشقون، ولا يموتون، ولا يهرمون، ولا يحتاجون، وما هم عنها بمخرجين.
  أيها الخاطئون، أيها العاصون، أيها المفسدون، أيها المذنبون، مالكم لا تتوبون؟ مالكم لا ترجعون؟ مالكم لا تخافون؟ أمعكم صبر على النار؟ ألكم في ذلك اعتذار؟ أما تخافون نار الجحيم؟ وشراب الحميم؟ وطعام الزقوم؟ ولباس القطران؟ إن جهنم حرها لا يبرد، وجمرها لا يخمد، وعذابها لا ينفد.
  إلى كم هذه الغفلة؟ كم تعصون المعبود؟ ارجعوا إلى الله في وقت المهل، قبل أن ينقطع الأجل، ويرفع العمل، فإن الله يقبل التوبة، ويكفر الحوبة.
  التوبة تمحو عظائم الذنوب، وتقرب العبد إلى علام الغيوب، توبوا إلى الله قبل أن يغلق الباب، ويحضر الحساب، ويقع العقاب. احذروا الله، خافوا الله، راقبوا الله. بادروا بالتوبة قبل الندم، قبل زلة القدم، قبل الأخذ بالكظم(٣).
(١) المقتدون. (خ).
(٢) البالغ في كل شئ.
(٣) قال في القاموس: والكظم محركة: الحلق، أو الفم، أو مخرج النفس.