[الحاجة إلى الدعاء]
  كذلك من جعل طاعة الله ومناجاته بضاعته الثمينة فإنه يفرح بالدعوة تخرج من لسانه ويتذوقها كما يتذوق الصائم لقم إفطاره وعلى هذا يقاس المستمعون للمواعظ والتالون لكتاب الله، فالمتوجه بقلبه الراغب في إرضاء ربه يحس بوجدانه ذوق العبادة.
  ولما كان الدعاء وحضور مجالس الذكر وطلب العلم وقراءة القرآن عبادة لله وطاعة في دار التكليف فشأنها شأن غيرها بحيث أن القلوب تكون عليها مقبلة تارة وأخرى كارهة كما قال أمير المؤمنين عليه صلوات رب العالمين: (إِنَّ لِلْقُلُوبِ إِقْبَالًا وإِدْبَاراً فَإِذَا أَقْبَلَتْ فَاحْمِلُوهَا عَلَى النَّوَافِلِ وإِذَا أَدْبَرَتْ فَاقْتَصِرُوا بِهَا عَلَى الْفَرَائِضِ) غير أن المستمع للمواعظ في مجالس الذكر وكذلك صاحب الرواتب من الأدعية يثاب في حال سروره بالدعاء والمواعظ وفي حال تضجره ولا فوز إلا لمن صَبَّرَ نفسه وأكرهها، {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}[العنكبوت: ٦٩].
  وسنذكر قطرة من مطرة وحصاةمن جبل وشعرة من جلد مما الإنسان محتاج إليه، من ذلك بقاء العافية له ولزوجته وأولاده ومن يعنيه أمره؛ لأن المريض من الأسرة ينغص عليهم لذتهم ويكدر صفوهم، فهم مضطرون لمعالجته ودفع المال من أجل صحته وسلامته فكيف لا يدعو الإنسان ربه من صميم فؤاده أن لا يفقدهم العافية وأن يديمها عليهم، وهم محتاجون لجمع كلمتهم وصلاح ذات بينهم.