[التواضع والحب لأولياء الله]
  فاستخفوا بأولياء الله، وانسلخوا من حبهم لله ولرسوله إلى حب الشهرة وجمع المال، يتصيدون بمكرهم قلوب الغافلين، فحصل لهم –والله - نقيض قصدهم، فلا ذا تأتى ولا ذا حصل.
  ولو حكّموا عقولهم ذلك الحين، وتواضعوا لخالقهم لوصلوا درجات الكمال البشري، وصاروا قدوة تقتفى آثارهم على مدى القرون الآتية، غير أن الله حكم وفي كتابه أعلم أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون، {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ٨٣}[القصص].
  فالحذر الحذر يا طلبة العلم ويا معشر المؤمنين، تواضعوا لله ودينوا نفوسكم بالتُّهم الجلية، واذكروا ستر الله عليكم فيما جاهرتم به ربكم من المعاصي، ولو شاء لفضحكم، فذلك أدعى لقمع غرورها، {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ١٩}[الحشر].
  وليعلم كل طالب علم وجادٍّ في طاعة الله أن النجاة كل النجاة في معرفة الشخص لنفسه وقدرها وذلك إذا عرف أن مكانته دون ما يتصوره بكثير، فهذا عبد أفلح وأنجح، وله من الله عاصم، أما من بدأ نقص العلماء في قلبه شيئاً فشيئاً فإلى جهنم وبئس المصير.
  وفي مقالة إبليس موعظة كافية شافية عندما أمره الله بالسجود فقال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ٧٦}[ص].