[بحث في إرسال اليدين في الصلاة]
  وفَسَّرَهُ ابنُ القَيِّمِ بِوَضْعِ الكَفِّ عَلَى الكَفِّ فَوقَ الصَّدْرِ، وذَكَرَ كَرَاهَتَهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَل.
  وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ في (الْمُعْجَمِ الكَبِيْرِ)(١) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ÷ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ أُذُنَيْهِ فَيُرْسِلُ يَدَيْهِ.
  وَذَكَرَ ابنُ تَيْمِيَّةَ فِي (الْمِنْهَاجِ) (ج ١/ص ٢٧)(٢) أَنَّ الإِرْسَالَ مِمَّا اخْتَلَفَ فِيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ(٣).
  وَفِي كِتَابِ (بِدَايَةِ الْمُجْتَهِدِ) لِلإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ رُشْدٍ القُرْطُبِيُّ(٤): (اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي وَضْعِ اليَدِ عَلَى اليَدِ فِي الصَّلَاةِ، فَكَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ فِي الفَرْضِ). إِلَى قَوْلِهِ: (وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ جَاءَتْ آثَارٌ ثَابِتَةٌ نُقِلَتْ فِيْهَا صِفَةُ صَلاَتِهِ عَلَيْهِ وَآلَهُ
(١) المعجم الكبير (٨/ ٤١١)، ولفظ المطبوع بإسناده عن مُعَاذ بن جَبَل: (كان النبيُّ ÷ إذا كان في صلاته رَفَعَ يديه قُبالة أذنيه، فإذا كَبَّرَ أَرْسَلَهُمَا ...).
(٢) منهاج السنة (١/ ١٠)، (الطبعة الأميرية)، و (١/ ٤٤)، ط: (مؤسسة قرطبة)، ولفظ المطبوع بعد كلامٍ له حول بعض المسائل المختلَفِ فيها ما لفظه: «... ، وإسبال اليدين في الصلاة، ونحو ذلك من المسائل التي تَنَازَعَ فيها علماءُ السُّنَّة».
(٣) والإرسال في الصلاة أيضًا مذهب فقيه مصر (الليثِ بنِ سعدٍ)، رواه عنه الكثير، منهم: الحافظ النووي في (شرح صحيح مسلم (٤/ ٩٨)، وقال الطحاويُّ - كما في (مختصر اختلاف العلماء) (١/ ٢٠٢) -: «وقال الليث: يسدل اليمين في الصلاة أحبُّ إليَّ ...». وكذا مذهبُ فقيهِ الحرم المكيِّ (عطاءِ بنِ أبي رباح)، فقد روى عنه الحافظُ الكبيرُ عبد الرزاق بن هَمَّام الصنعانيُّ في (المصنَّف) (٢/ ٢٧٦) برقم (٣٣٤٥) عن ابن جُرَيج عن عَطَاء «أنَّه كره أن يقبض بكفِّهِ اليمنى على عضده اليسرى أو كفه اليسرى على عضده اليمنى». وكذا فقيه الحرم المكي (عبد الملك بن جُرَيْج)، قال الحافظ عبد الرزاق بن هَمَّام الصنعانيُّ في (المصنَّف) (٢/ ٢٧٦) برقم (٣٣٤٦): «ورأيتُ ابنَ جُرَيْجٍ يُصَلِّي فِي إِزارٍ وَرِدَاءٍ مُسْبِلٍ يَدَيْهِ».
وعلى الجملةِ فالإرسالُ في الصلاة مذهبُ أهلِ البيتِ $ قاطبة، وأوليائهم الكرام كافة، ومذهبُ علماءِ الأَمصار، وساداتِ التابعين.
(٤) (بداية المجتهد) (١/ ١٢٧) ط: (دار ابن حزم)، و (١/ ٢٥٢) ط: (دار الجيل)، و (١/ ٩٩) ط: (دار الفكر).