[الكلام على مجموع الإمام زيد بن علي @، وأبي خالد الواسطي رضوان الله تعالى عليه]
  وَحُكْمُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ حُكْمُ غَيْرِهَا فِي أَنَّهُ يَدْخُلُهَا احْتِمَالُ التَّخْصِيصِ، وَالنَّسْخِ، وَالتَّرْجِيحِ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا بَيْنَ مَا ظِاهِرُهُ الصِّحَّةُ، وَهَذَا لَا يُتْقِنُهُ إلَّا أَهْلُ النَّظَرِ وَالاِجْتِهَادِ.
  أَمَّا أَصْحَابُ الْمَبَادِيء الَّذِيْنَ يُطَوِّلونَ الدَّعْوَى بِلَا طَائِلٍ فَإِنَّهُمْ مَتَى وَجَدُوا رِوَايَةً عَمِلُوا بِظَاهِرِهَا، مِنْ دُوْنِ بَحْثٍ عَنْ مُخَصِّصٍ لِعُمُومٍ، أَوْ مُقَيِّدٍ لِمُطْلَقٍ، أَوْ مُبَيَّنٍ لِمُجْمَلٍ، أَوْ نَاسِخٍ لِمَنْسُوخٍ، أَوْ تَفْتِيْشٍ لِطَرِيقٍ، أَوْ تَرْجِيْحٍ بَيْنَ مُتَعَارِضٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَيَرْكَبُونَ مَتْنَ عَمْيَاء، وَيَخْبِطُونَ خَبْطَ عَشْوَاء، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا، كَمَا قَالَ:
  يُصِيْبُ وَمَا يَدْرِي وَيُخْطِي وَمَا دَرَى ... وَلَيْسَ يَكُونُ الْجَهْلُ إلَّا كَذَلِكَ
  نَعَم، فَيَكُونُ الْمُرَادُ أَنَّهَا مِنْ أَخْلَاقِ الأَنْبِيَاءِ $، وَإِنْ كَانَ فِيْهَا مَا قَدْ نُسِخَ، وَهْوَ الضَّمُّ، كَاسْتِقْبَالِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَالنَّاسِخُ الْخَبَرُ الآتِي.
  وَلَمْ يَقُلْ: إِنَّ أَمِيْرَ الْمُؤْمِنِينَ # كَانَ يَفْعَلُهُ كَمَا فِي الرَّفْعِ، وَلَا صَحَّ عَنِ الإِمَامِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ @ أَنَّهُ فَعَلَهُ، وَإِنَّمَا يَرْوِيهُ عَنْهُ مَنْ لَا يُبَالِي بِالْمُجَازَفَةِ، أَوْ تَوَهَّمَ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ.
  وَلَمْ يَذْكُرْهُ الإِمَامُ إِلَّا فِي الصِّيَامِ؛ لِأَجْلِ تَأْخِيْرِ السَّحُورِ، وَتَعْجِيْلِ الإِفْطَارِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ ثَابِتًا لَذَكَرَهُ فِي الصَّلَاةِ.
  وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ فِي شَيءٍ مِنَ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ، وَحَتَّى فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَمْ يَقُلْ فِي الصَّلَاةِ، فَتَدَبَّرْ، وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلاَمُ(١).
(١) وقد روى القاضي العلامة السيَّاغي صاحب (الروض النضير) ذلك عن الإمام زيد #، فَرَدَّ عليه مولانا الإمام المؤلِّف مجدالدين بن محمد المؤيدي # بقوله: (لم يصح ذلك عنه، ولَم يُنقل في كتبهم المعتمدة كالمجموع هذا، والأحكام، وأمالي أحمد بن عيسى، وإنما تلك الرواية عنهم مرسلة، ومستندهم في روايتهم عن الإمام زيد بن علي @ هذه الرواية، وهي لا تدل على أنَّه فَعَلَهُ أصلًا، =