المنهج الأقوم في الرفع والضم،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[حجة المخالف في عدم الجهر بالبسملة، والرد عليها]

صفحة 61 - الجزء 1

  فَقَدْ أَعَلَّهُ الشَّافِعِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِي، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَالبَيْهَقِيُّ، فَأَيْنَ الاِتِّفَاقُ مَعَ مُخَالَفَةِ هَؤُلَاءِ الْحُفَّاظِ؟!.

  وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ⁣(⁣١): (فَهَذَا مَا بَلَغَنَا مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مِنِ اخْتِلافِ أَلْفَاظِهِ، إلى أن قال: وَلا حُجَّةَ عِنْدِي فِي شَيْءٍ مِنْهَا؛ لأَنَّهُ قَالَ مَرَّةً: كَانُوا يَفْتَتِحُونَ بِـ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، وَمَرَّةً قَالَ: كَانُوا لا يَجْهَرُونَ بِـ ()، وَمَرَّةً قَالَ: كَانُوا لا يَقْرَؤونَهَا، وَمَرَّةً قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُمْ يَقْرَؤُونَ بِـ ()، وَقَدْ قَالَ مَرَّةً إِذْ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ: كَبِرْتُ وَنَسِيتُ).

  وَأَخْرَجَ الْحَازِمِيُّ مِنْ طَرِيقِ الدَّارَقُطْنِي بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي مَسْلَمَةَ⁣(⁣٢)، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَسْتَفْتِحُ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ أَوْ بِ ؟ قَالَ: إِنَّكَ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيءٍ مَا أَحْفَظُهُ، وَمَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ.

  قَالَ الدَّارَقُطْنِي⁣(⁣٣): (هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ)⁣(⁣٤).

  قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ: وَإِذَا سَلَكْنَا مَسْلَكَ التَّرْجِيحِ ... ، فَلَا نَجِدُ الرُّجْحَانَ إِلَّا لِرِوَايَةِ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ (بِالْحَمْدُ) أَيْ بِالسُّورَةِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الرُّوَاةِ عَلَى هَذَا


(١) الحافظ ابن عبد البر في كتابه (الإنصاف) (ص/٢٢٩)، ط: (أضواء السلف).

وقال ابن عبد البر أيضًا في (الاستذكار) (٤/ ١٦٥)، ط: (دار قتيبة - دار الوعي): (وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَنَسٍ قَتَادَةُ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، كُلُّهُمْ رَوَوْهُ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ (وَآلَهُ) السَّلَامُ، إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفَ عَلَيْهِمْ فِي لَفْظِهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا، مُضْطَرِبًا مُتَدَافِعًا، إلى أن قال: هَذَا اضْطِرَابٌ لَا تَقُومُ مَعَهُ حُجَّةٌ ...). وانظر أيضًا: (التمهيد) لابن عبد البر (٢/ ٢٣٠)، ط: (قرطبة)، وكتاب (التقييد والإيضاح) للحافظ العراقي (ص/١١٧ - ١١٨) و (بداية المجتهد) لابن رشد (١/ ٢٩٦)، ط: (دار السلام).

(٢) سعيد بن يزيد بن مسلمة الأزدي، ثم الطاحي، أبو مسلمة البصري القصير (ثقة). أخرج له الجماعة. أفاده ابن حجر في (التقريب).

(٣) سنن الدار قطني (١/ ٣١٥) رقم (١١٩٥)، ط: (دار العلمية)، و (٢/ ٩٤) رقم (١٢٠٨)، ط: (الرسالة)، وانظر: (الروض النضير) (٢/ ١٥).

(٤) ورواه المحب الطبري في (غاية الإحكام في أحاديث الأحكام) (٢/ ١٧٥)، وقال: (ثَبَتَ عن أنس أنه سئل عن الاستفتاح بالبسملة، فذكر أنه لا يحفظ فيها شيئًا).