[حجة المخالف في عدم الجهر بالبسملة، والرد عليها]
  اللَّفْظِ(١)، ثُمَّ افْتَرَقَتِ الرُّوَاةُ عَنْهُ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَدَّاهُ بِلَفْظِهِ فَأَصَابَ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَهِمَ مِنْهُ حَذْفَ البَسْمَلَةِ، فَعَبَّرَ عَنْهُ بِقَولِهِ: كَانُوا لَا يَقْرَؤُونَ، وَمِنْهَمُ مَنْ فَهِمَ الإِسْرَارَ فَعَبَّرَ عَنْهُ.
  وَقَدْ عَارَضَهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ عَنْهُ ÷ فِي الْجَهْرِ بِهَا، وَمِنْ فِعْلِهِ نَفْسِهِ. أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِي وَالْحَاكِمُ بِلَفْظِ: وَأَنَّ أَنَسًا كَانَ يَجْهَرُ بِالْبَسْمَلَةِ قَبْلَ الفَاتِحَةِ وَبَعْدَهَا، وَقَالَ: لَا آلُو أَنْ أَقْتَدِيَ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ÷، وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ(٢).
  قَالَ فِي (الْمَنَارِ)(٣): (وَهَذَا مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُرَجَّحُ فِيْهَا الإِثْبَاتُ عَلَى النَّفْي).
  وَقَالَ فِي (البَدْرِ التَّمَامِ): (مُحَصَّلُ حَدِيثِ أَنَسٍ نَفْيُ الْجَهْرِ، فَمَتَى وُجِدَتْ رِوَايَةٌ فِيْهَا إِثْبَاتُ الْجَهْرِ قُدِّمَتْ عَلَى نَفْيِهِ، لَا لِمُجَرَّدِ تَقْديمِ الْمُثْبِتِ عَلَى النَّافِي، ... ، بَلْ لِكَوْنِهِ اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ لَا يَحْفَظُ هَذَا الْحُكْمَ، كَأَنَّهُ لبُعْدِ عَهْدِه بِهِ، لَمْ يَذْكُرْ مِنْهُ إِلَّا الْجَزْمَ بِالاِفْتِتَاحِ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ جَهْرًا، وَلَمْ يَسْتَحْضِرِ الْجَهْرَ بِالْبَسْمَلَةِ، فَيَتَعَيَّنُ الأَخْذُ بِحَدِيثِ مَنْ أَثْبَت ذَلِكَ)(٤).
  قَالَ فِي (الرَّوْضِ)(٥): (قَالَ البَيْهَقِيُّ مَا لَفْظُهُ: وَأَيْضًا فَإِنَّ فِيْهَا تُهْمَةً أُخْرَى، وَهْوَ أَنَّ عَلِيًّا # كَانَ يُبَالِغُ فِي الْجَهْرِ بِالتَّسْمِيَةِ، فَلَمَّا وَصَلَتِ الدَّوْلَةُ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ بَالَغُوا فِي الْمَنْعِ مِنَ الْجَهْرِ؛ سَعْيًا فِي إِبْطَالِ سُنِّةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا شَكَّ أَنَّهُ
(١) ومما يؤكد هذا ما روي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ÷ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ سَبْعُ آيَاتٍ إِحْدَاهُنَّ ﷽، وَهِيَ سَبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ، وَهِيَ أُمُّ الْقُرْآنِ، وَفَاتِحَةُ الْكِتَابِ». قال الهيثمي في (مجمع الزوائد) (٢/ ١١٢): (رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي (الْأَوْسَطِ) وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ).
(٢) انتهى بتصرف من (الروض النضير) (٢/ ١٦).
(٣) (المنار) للمقبلي (١/ ١٨٠).
(٤) انتهى من (الروض النضير) بتصرف، وصاحب (البدر التمام) ناقل من ابن حجر العسقلاني. انظر (فتح الباري شرح البخاري) (٢/ ٩٠)، ط: (دار الكتب العلمية).
(٥) الروض النضير (٢/ ١٦).