المنهج الأقوم في الرفع والضم،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[رد المقبلي على السبكي في قوله: ما خرج من قريش إمام متبوع إلا الشافعي، وكذا رده على الجويني]

صفحة 85 - الجزء 1

  أَنَّهُ لَمْ يُنْسَجْ عَلَى مِنْوَالِ هَذَا (البَحْرِ) كِتَابٌ، وَلَا نُوظِرَ بِهِ إِلَّا كَانَ غَيْرُهُ الفِضَّةَ وَهْوَ النُّضَار⁣(⁣١)، إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ.

  فَانْظُرْ إِلَى مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الْكَلَامُ مِنَ الإِشَادَةِ بِالْحَقِّ وَالإِنْصَافِ، وَهْوَ مِنْ أَشَدِّ مَنْ نُسِبَتْ إِلَيْهِ الْمُعَارَضَةُ، وَمِصْدَاقُ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي (العَلَمِ الشَّامِخِ) فِي ذِكْرِ الزَّيْدِيَّةِ⁣(⁣٢): وَلَقَدْ سَبَّنَا سَابُّهُمْ؛ بِمُخَالَفَتِنَا لَهُمْ فِيْمَا تَجِبُ الْمُخَالَفَةُ، وَلَا يَحْمِلُنَا ذَلِكَ عَلَى أَنْ نَفْتَرِيَ عَلَيْهِمْ، أَوْ نُعَظِّمَ الْحَقِيْرَ، وَنُكَبِّرَ الصَّغِيْرَ مِنْ عُيُوبِهِمْ، بَلْ نَقُولُ: هُمْ خِيَارُ الأُمَّةِ، وَأَعْدَلُهَا مَدَى الدَّهْرِ سِيْرَةً.

  إِلَى قَوْلِهِ فِي ذِكْرِ أَهْلِ البَيْتِ⁣(⁣٣):

  وَسِرُّ النُّبُوَّةِ سَارٍ فِيْهِم، لَائِحٌ عَلَى أَعْمَالِهِمْ، وَمَكَارِمِ أَخْلَاقِهِمْ، بَلْ عَلَى صُوَرِهِم الْحِسِّيَّة، يَرَى غَالِبُ النَّاسِ الرَّجُلَيْنِ بَدِيْهَةً فَيَقْطَعُ أَوْ يَظُنُّ أَنَّ أَحَدَهُمَا مِنْ أَهْلِ البَيْتِ النَّبَوِيِّ. وَلَقَدْ كُنَّا فِي اليَمَنِ مَا يَكَادُ يَتَخَلَّفُ هَذَا عَلَيْنَا؛ لِصِحَّةِ أَنْسَابِهِمْ. إِلَى قَوْلِهِ:

  (فَكَانَ عَدَمُ العَلَامَةِ هُوَ العَلَامَةُ. وَأَحْسَنَ مَنْ قَالَ:

  جَعَلوا لأَبْنَاءِ النَّبِيِّ عَلَامَةً ... إِنَّ الْعَلَامَةَ شَأْنُ مَنْ لَمْ يُشْهَر

  نُورُ النُّبُوَّةِ فِي طِرَازِ وُجُوهِهِمْ ... يُغْنِي اللَّبِيْبَ⁣(⁣٤) عَنِ الطِّرَازِ الأَخْضَر

  انْتَهَى.

  فَقَدْ صَرَّحَ بِمَا جَرَى مِنَ السَّبِّ وَالْخِلَافِ، وَلَكِنَّ الْعِلمَ وَرَجَاحَةَ العَقْلِ، وَالضَّمِيْرَ الإِنْسَانِيَّ تَأْبَى عَلَى صَاحِبِهَا الاِفْتِئَاتِ بِبَاطِلٍ، أَو التَّقَوُّلَ عَنْ جَهَالَةٍ، وَكَتْمَ


(١) النُّضَارُ - بالضم -: الجَوْهَرُ. تمت من القاموس، وقال ابن الأثير في (النهاية): والنُّضَار: الخالص من كل شيء. والنُّضار: الذهب أيضًا.

(٢) (ص/٤٠٢).

(٣) (ص/٤٠٦).

(٤) في طبعة مكتبة دار البيان: الأريب.