[ثانيا: العدل]
  ٣ - ولأن الله نسب أفعال العباد إليهم فقال: {جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[السجدة ١٧]، {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}[البقرة ٢٨٦]، {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}[فصلت ١٧].
  ولا يمكن أن يرضى بالقبيح منها؛ لأن الرضا بالقبيح قبيح وعيب كبير؛ وأخبر بأنه لا يحب المعاصي فقال: {وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ}[البقرة ٢٠٥]، {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}[الزمر ٧]، {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئَةً عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ٣٨}[الإسراء].
٣ - فصل: [والله تعالى لا يكلف ما لا يطاق]
  ولا يكلف الله أحداً ما لا يطيقه؛ لأن تكليف ما لا يطاق قبيح، والله لا يفعل القبيح كما تقدم، وقد قال الله سبحانه: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا}[البقرة ٢٨٦]، {وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ}[البقرة ٢٨٦]، وقال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن ١٦]، {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حَجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}[آل عمران ٩٧]، {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة ١٨٥]، {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج ٧٨]، فهذه الأدلة تدل على أن الله لا يكلف أحدًا ما لا يطيقه.
٤ - فصل: [والله تعالى لا يعذب أحدًا إلا بذنبه ولا يثيبه إلا بعمله]
  والله تعالى لا يعذب أحدًا إلا بذنبه، ولا يثيبه إلا بعمله؛ لأن تعذيب من لا ذنب له ظلم قبيح، والله لا يفعل القبيح؛ لأنه لا حاجة له في تعذيبه، والحكمة لا تقتضي تعذيبه؛ بل تقتضي عدم تعذيبه.
  وأما الثواب فلأنه تكريم وتعظيم، وتعظيم من لا يستحق التعظيم قبيح.