كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب الترخيم

صفحة 292 - الجزء 1

  وفي الجمع: فلك، أيضا. ففلك، في الواحد، نظير: قفل. وفي الجمع: نظير أسد. وناقة هجان في الواحد، نظير كتاب. وفي الجمع: نظير: ظراف. فكذا، هاهنا.

  وأما ترخيم: ترقوة، وعرقوة، على لغة من قال: يا حار، فلا إشكال في أن يقال: يا ترقو، ويا عرقو. ومن قال: يا حار، فلا بد من أن يقلب الواو ياءا، والضمة كسرة، فيقول: يا عرقي، ويا ترقي. كما تقول: يا ثمي، في ترخيم: ثمود، لأنه لو قال: يا ثمو، ويا عرقو، ويا ترقو، لأوقع في الاسم واوا قبلها ضمة. وهم إذا أدى إلى ذلك قياس تركوه، ورفضوه. ألا ترى: أنهم قالوا في جمع دلو: أدل، وأبدلوا من الضمة، قبل الواو، كسرة. فانقلبت الواو ياءا، فقالوا: أدل. وعلى هذا قياس هذا الباب.

  [قال أبو الفتح]: وتقول في ترخيم: كروان: يا كرو أقبل. على لغة من قال: يا حار. ومن قال: يا حار، قال: يا كرا. أمّا من قال [١٢٠ / ب]: يا كرو، فإنه يحذف الحرفين الزائدين، وهما الألف، والنون، وهو ينويهما فيبقى الواو مفتوحا، كما كان مفتوحا، وبعدها ألف.

  وقد تقدم في كتاب اللمع: أن الحرفين الزائدين، يسقطان في الترخيم. كترخيم هندات، اسما علما. وإذا كانوا قد حذفوا الحرف الأصلي، مع الزائد، في نحو: منصور، ومحمود، فيقولون: يا منص، ويا محم، فيحذفون الراء، والدال، مع الواو، وهما حرفان أصليان، فلأن تحذف الألف، مع النون، في: كروان، وعثمان، ومروان، أولى، وأحرى.

  وأمّا من قال: يا حار، فإنه يقول: يا كرا، لا بد له من ذلك، لأنه يحذف الحرفين، ولا ينويهما. فيبقى: كرو، فيقلب الواو ألفا، لتحركها، وانفتاح ما قبلها، كما قلبها في: عصا، ورحا، والأصل: عصو، ورحو، على أحد المذهبين.

  وأما: عظاية، وعباية، وشقاوة، فإنه على لغة من قال: يا حار، لا إشكال فيه، أنه يقال: يا عظاي، ويا عباي، ويا شقاو. فأما من قال: يا حار، فإنه لا يعتبر التاء طرفا، ويرى: الواو، والياء طرفين، وهما متحركان، وقبلهما ألفان، فيقلب الواو، والياء ألفين، وقبلهما ألفان، فلا يخلو: إما أن يحذف أحدهما، أو يحرّك أحدهما، فلا يجوز حذف أحدهما، والتحريك في [الآخر] أولى، لأنه بدل من حرف متحرك. فقالوا: يا عظاء، ويا عباء، ويا شقاء. فاعرفه.

  وأما إذا سميت ب (حبليان) على لغة من قال: يا حار، فهو بمنزلة: مروان، وعثمان. تقول: يا حبلى أقبل. فأما. من قال: يا حار، فإن ترخيمه على لغته مستحيل، وذلك، لأنه ينبغي أن يقول: يا حبلى، لأنه يحذف الألف، والنون، فيبقى: يا حبلي، وهو لا ينوي الحرفين المحذوفين، بل يجعل: حبلي، اسما على حياله، فينبغي أن يقلب الياء ألفا، فيقول: يا حبلى. وإذا كان كذلك، كان ألف حبلى، بدلا من الياء، فيخرج بذلك عن أصول كلام العرب، لأن (فعلى) قط، لا يوجد إلا وألفها زائدة. فإذا احتاج إلى قلب الياء ألفا، فقد جعل الألف [١٢١ / أ] أصلية، إذ كان بدلا من حرف أصلي. وهذا لا يجوز. وهذا بمنزلة قولهم (طيلسان) بكسر اللام، إذا رخّم، بعد التسمية، لم يجز، لأنه يؤدي إلى أن يكون (فيعلا). و (فيعل) ليس في الأسماء الصحيحة. وإنما