باب ما ينصرف وما لا ينصرف
  بني، لأنه تضمن معنى الواو. لأن الظرف مبهم، فيبنى قياسا على: (هذا) و (من) و (كم). والحال، أيضا، مشبّه بالظرف. لأنه يشبه الظرف، في كثير من المواضع، منها هو أنّ الحال يعمل فيه المعنى. كالظرف، فتقول: هذا زيد قائما. فالعامل في قوله (قائما) معنى (هذا) كما تقول، في الظرف: كلّ يوم لك درهم. فالعامل في (كلّ يوم) إنما هو قوله (لك). فتحققت المشابهة بينهما.
  ومن وجه آخر، وهو أنّ في الحال، لا يحتاج إلى ضمير يعود، إلى ذي الحال، كما في الظرف. تقول في الحال: جئتك وزيد قائم. فإن هذه الجملة في [١٤٠ / ب] موضع الحال. ثم لا يعود ضمير منها إلى ذي الحال، كما في الظرف لأنك تقول: جئتك وقت قيام زيد.
  ومعنى قوله: هو جاري بيت بيت: أي: هو جاري، ملاصقا. ولقيته كفة كفة؛ أي: لقيته كافّين، فيحتمل أن يكون حالا من التاء، أو من المفعول، أو منهما، كما قال الله تعالى: {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ}(١). ف (تحمله) يجوز أن يكون حالا من الآتية، أو من المأتي به، أو منهما. [قال الشاعر]:
  ٣٢٣ - أحولي تنفض استك مذرويها ... لتقتلني، فها أنا ذا عمارا
  متى ما تلقني، فردين ترجف ... روانف أليتيك، وتستطارا(٢)
  فقوله (فردين) حال من اللاقي، والملقي. فكفة كفة، وقع موقع الحال، فأشبه الظرف، فبني.
  وقيل تقديره: لقيته كفة عن كفة؛ أي: كنت أكفّه، وهو يكفّني، فهو: كفّة عن كفة، فبني لتضمنه معنى (عن).
  وقولهم: تساقطوا أخول أخول؛ أي: متفرقين. [قال الشاعر]:
  ٣٢٤ - يساقط عنه روقه ضارياتها ... سقاط حديد القين، أخول أخولا(٣)
  ضارياتها: يعني: ضاريات الكلاب. روقه: يعني: روق الثور. [وقال الآخر]:
  ٣٢٥ - ساقطهنّ أخولا، فأخولا(٤)
  يعني: واحدا، فواحدا.
  الأصمعي: أخول، أخول: بعضه على بعض، ووصفه بيديه هكذا؛ كأنه يقع بعضه على بعض.
(١) ١٩: سورة مريم ٢٧.
(٢) البيتان من الوافر، لعنترة، في: ديوانه ١٤، وأمالي القالي ١: ٢٠١، وأمالي المرتضى ١: ١٥٦، وابن يعيش ٢: ٥٦، ٤: ١٤٩، واللسان (ذرا) ١٤: ٢٨٥، وشفاء العليل ١: ١٥٤، والخزانة ٧: ٥١٤.
وبلا نسبة في: الجمل ١: ٤٠٢، وهمع الهوامع ٤: ٣٤٠.
المذروان: طرفا الأليتين.
(٣) البيت من الطويل، لضابئ بن الحارث البرجمي، في: الخصائص ٢: ١٣٠، ٣، ٩٠، والشعر والشعراء ١: ٣٥٢، والمحتسب ٢: ٤١، واللسان (سقط) ٧: ٣١٦.
(٤) من الرجز، لم أهتد إلى قائله.