كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب التصغير

صفحة 369 - الجزء 1

  يدخلوا التاء عليها، وخالفوا الأصل. فلما صغرناها رددناها إلى أصلها وأدخلنا التاء عليها لأن في باب التصغير ترد الأشياء إلى أصولها إلا أنه شذت أشياء عن القياس تقول في قوس: قويس، وفي فرس: فريس، وفي نعل: نعيل، و (الجيّد)⁣(⁣١): قويسة، وفريسة، ونعيلة. وفي حرب: حريب، وفي عرس: عريس⁣(⁣٢).

  فإن تجاوز المؤنث ثلاثة أحرف لم تلحقه تاء التأنيث لطول الاسم بالحرف الرابع لأن الحرف الرابع كأنه قائم مقام تاء التأنيث. فلو أدخلنا التاء في قوله: عناق لأدى ذلك إلى التطويل في باب التصغير والتصغير إنما سمي تصغيرا لأنه يطلب فيه الخفة والحذف. فإذن تقول في (عناق): عنيّق⁣(⁣٣). ولا (١٦٥ / أ) تقول: عنّيقة، لأن الحرف الرابع قائم مقام التاء فلا احتياج إلى إدخال التاء ومع ذلك قالوا في (قدّام) قديديمة وفي (وراء) وريّئة وفي (أمام) أميّمة.

  وتقول في تحقير الأسماء المبهمة⁣(⁣٤)، في (ذا) ذيّا. اعلم أن (ذا) عندنا أصله: ذوي⁣(⁣٥)، على وزن: فعل فحذفت الياء للاستثقال. فلما حذفوا الياء بقي: ذو فقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فبقي (ذا). وقال أبو علي: أدغمت الواو في الياء ثم خفف كما خففوا (ميتا) في: ميّت فحذفت العين. واستدل بأنهم صغروا على لفظ (ذا) فقالوا: ذيّا وأصله: ذييّا فالمحذوف عندنا⁣(⁣٦)، إنما هو عين الفعل لا لام الفعل إذ لو قلنا: إن المحذوف هو لام الفعل لأدّى ذلك إلى أن تكون الياء بعد الذّال، عين الفعل. الأخرى، إنما هو ياء التصغير. ولا يجوز ذلك لأن ياء التصغير قط لا تكون متحركة وإنما تكون ساكنة فإذن الوجه أن يقال: إن المحذوف إنما هو عين الفعل والياء التي بعد الذال ياء التحقير والياء التي بعد ياء المحذوف، إنما هو لام الفعل والألف عوض عن الضمة التي يجب لحاقها أول التحقير فلما لم يلحق أول (ذيّا) الضمة التي تلحق في نحو: رجيل عوضت عنها الألف.

  وكذلك (اللّذيا) الألف عوض عن الضمة ومثله (اللّتيّا) وقلنا: إن أصل (ذا) ذوي [ولم نقل]⁣(⁣٧): ذيي لأن باب: طويت وشويت أكثر من باب القوّة والحوّة. والحمل على الأكثر أولى وقال بعضهم: (ذا) الأصل إنما يكون هو الذال. والألف زائدة وكذا قالوا في (الّذي) و (الّتي) فإن الألف واللام زائدتان و (تي) و (ذي) اسم.


(١) الأصل غير واضح.

(٢) اللمع في العربية ٣٤٢.

(٣) الكتاب ٣: ٤٨١، واللمع في العربية ٣٤٢.

(٤) الكتاب ٣: ٤٨٧، واللمع في العربية ٣٤٢.

(٥) بالضم بلا تنوين لبنائه وجاء في الأصل منونا (ذوي) وهو وهم ينظر: شرح الشافية ١: ٢٨٤.

(٦) أي: عند البصريين أما الكوفيون فعندهم أن (الذال) من (ذا) هو الاسم والألف زائدة بدليل ذهابها في التثنيه نحو (ذان، وذين) فإذا أرادوا تصغيرها زادوا عليها زيادة تكمل لها بناء التصغير ولم ير ابن يعيش بأسا على من ذهب إلى أن (ذا) ثنائي لا أصل له في الثلاثي فهو شبه: من وكم في المبهمة وأن الألف أصل كألف: لدى وإذا ينظر: ابن يعيش ٣: ١٢٦، ١٢٧، وشرح الشافية ١: ٢٨٥ هامش (١).

(٧) الأصل غير واضح.