كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب ألفات القطع وألفات الوصل

صفحة 372 - الجزء 1

  عليه قولهم: أستاه وستيه وقال #: (العينان وكاء السّه)⁣(⁣١).

  وأما ايمن فإن الألف ألف الوصل بدليل أنها تسقط كما (في قول الشاعر):

  ٣٥٣ - فقال فريق الحي، لما نشدتهم: ... نعم. وفريق: ليمن الله، ما ندري⁣(⁣٢)

  وأما امرؤ، فأصله: مرء. فأسكنوا الميم على غير قياس كما أسكنوا السين من: اسم والباء من: ابن وادخلوا عليه ألف الوصل فإذا أدخلوا ألف الوصل أتبعوا الراء الهمزة. فقالوا: امرؤ وامرءا، وامرئ فحركة الراء تبع لحركة الهمزة.

  وأما أسماء المصادر فهو كل مصدر ماضيه متجاوز لأربعة أحرف في أوله همزة وهو مثل: استخراج واصفرار.

  وأما دخولها في الأفعال ففي موضعين: أحدهما: الماضي إذا تجاوز عدّته أربعة أحرف وفي أوله همزة فتلك همزة الوصل. وذلك: استخرج وانطلق.

  والآخر: مثال الأمر المواجه من كل فعل انفتح فيه حرف المضارعة ويسكّن ما بعده وهو قولك في الأمر: اضرب لأنه من: ضرب يضرب. وقد حذفوا همزة الوصل مع فاء الفعل في ثلاثة مواضع في الأمر المواجه: وهو قولهم: خذ، كل، مر. والأصل: أؤخذ أؤكل أؤمر. إلا أنهم حذفوها، تخفيفا وقد ورد في القرآن: أؤمر وهو قوله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ}⁣(⁣٣).

  وأما دخولها الحرف فهو في موضع واحد وهو لام التعريف نحو: الغلام والجارية.

  واعلم أن همزة الوصل إذا وقع الاستغناء عنها بغيرها حذفت. وإذا وجدت همزة الاستفهام فتقول في الاستفهام: أبن زيد هذا؟ ومعناه: أإبن زيد هذا؟ ولكن لما وقعت الغنية عن همزة الوصل بهمزة الاستفهام حذفتها فقلت: أبن زيد؟ فإن كانت الهمزة مع لام التعريف (١٦٧ / أ) لم تحذفها مع همزة الاستفهام لئلا يلتبس الخبر بالاستفهام تقول: آ الرجل قال ذلك؟ آ الغلام خرج؟

  وهذا لأن الأصل فيه: ألف الوصل. ثم إنهم أدخلوا عليه الهمزة للاستفهام ولم يمكن حذف همزة الوصل فأدخلوا عليها مدة. لأن أصله: آ الرّجل؟ فزادوا عليها المدة ولم يحذفوا ألف الوصل لئلا يشتبه الخبر بالاستفهام. وعلى هذا قول الله تعالى: {آللهُ أَذِنَ لَكُمْ}⁣(⁣٤). وتقول في القسم: آلله، لأذهبنّ فلم تحذفها لأنها صارت عوضا عن واو القسم. فلم تحذف التي للوصل، لأنها عوض عن الواو ولا التي للاستفهام لأنها لا يفهم منها معنى الاستفهام بعد حذفها.

  وتقول في النداء: يا ألله اغفر لي لأن الألف واللام هناك بدل من همزة (إله). وهمزة الوصل أبدا مكسورة نحو: إضرب وإجرح، [و] إبن وإستخرج [و]⁣(⁣٥) إمرؤ. إلا أن ينضمّ ثالثها ضما لازما فتضم هي وهو أن يكون للإتباع فتقول: اخرج فتضم الهمزة إتباعا لضمة الراء. وقال:


(١) سنن الدارمي ١: ٤٩، وسنن أبي داود ١: ٩٢، والمعجم الكبير - للطبراني ١٩: ٣٢٠، وسنن ابن ماجة ١: ٩١.

(٢) البيت من الطويل لنصيب، في: شعره ٩٤

(٣) ٢٠: سورة طه ١٣٢.

(٤) ١٠: سورة يونس ٥٩.

(٥) زيادة يقتضيها السياق.