باب إعراب الاسم المعتل
  يتضمن: الابن. والأخ، يتضمن: الأخ. وكذلك: ذو، بمعنى: صاحب، يتضمن: مملوكا. فكان بالتخصيص أولى. ولان أغلب حال هذه الأسماء، أن تكون مضافة. والمضاف، والمضاف إليه اسمان، فكان إلى التثنية أقرب من سائر الآحاد. والقياس في هذه الأسماء أن تكون [١٦ / أ] مثل: رحى، وعصا، لأن قولك: أبوك. أصله: أبو. وكذلك: أخوك. أصله: أخو. وذو، أصله: ذوي.
  كما أن عصا، أصله: عصو. فكان يجب أن يبدل الواو، والياء ألفين لتحركهما، وانفتاح ما قبلهما. فكان يقال: هذا أبا، ورأيت أبا، ومررت بأبا. لكن تركوا هذا القياس، لما أعلمناك، من توطئة ما أريد في: التثنية، والجمع. ثم اختلفوا في هذه الحروف. هل هي حروف إعراب، أم أنفس الإعراب؟! فعندنا(١): الواو في موضع الرفع، حرف الإعراب. والألف في موضع النصب، والياء في موضع الجر كذلك. وزعم الفراء: أن الواو في قولك: جاءني أبوك، بمنزلة الضمة، في قولك: جاءني زيد. والألف في قولك: رأيت أباك، بمنزلة الفتحة في قولك: رأيت زيدا. والياء في قولك: مررت بأبيك، كالكسرة، في قولك: مررت بزيد(٢).
  قال: لأن هذه الواو، والألف، والياء تتغير، كما تتغير الحركات، فوجب أن يكون بمنزلتها.
  [فإن قلتم] أنها لو كانت كالحركات، فما حرف الإعراب؟! [قلت لكم]: إن حرف الإعراب، إنما يحتاج إليه إذا كان الإعراب حركات لا تستقل بأنفسها. فأما إذا كانت أنفس الحروف إعرابا، فهي مستقلة لا تحتاج إلى ما تقوم به.
  نقول: إن هذه الحروف، لامات الفعل. ألا ترى أنك تقول في التثنية: أبوان، فكانت كالدال من زيد، والراء من عمرو. وإنما تغيرت في الرفع، والنصب، والجر، كما تغيرت في التثنية، والجمع. وسنبين، لم كان ذلك في التثنية، والجمع؟. فإذن، هذه حروف إعراب، وإن تغيرت، لثباتها في التثنية، ثبات سائر اللامات. لكنهم أتبعوا العين لام الفعل، في الرفع، فقالوا: أبوك، فضموا الباء، لأجل الواو، ورأيت أباك، ففتحوا الباء، لأجل الألف، وكذلك: مررت بأبيك، كسروا الباء، لأجل الياء. ثم اعلم أن هذه الأسماء، تختلف أحوالها، عند الإفراد عن الإضافة. فأب، وأخ، يعودان إلى حالتهما في الإعراب. أعني: إعراب المفرد. فتقول: هذا أخ، وأب [١٦ / ب]، ورأيت أخا، وأبا، ومررت بأخ، وأب، كما تقول: هذا زيد، ورأيت زيدا، ومررت بزيد. وأما فوك، فأصله: فوه، على وزن (فعل) بإسكان العين. ولم يكن على (فعل) بفتح العين، لأنهم قالوا: أفواه. و (أفعال) جمع (فعل) والسكون أصل، والحركة زيادة، والزيادة لا تثبت إلا بالدليل.
  فحذفت لام الفعل من فوه، فجعل عند الإضافة بمنزلة: الأب، والأخ، فتقول: هذا فوك، ورأيت
(١) هذه من مسائل الخلاف بين: الكوفيين، والبصريين.
ذهب فيها الكوفيون إلى أن الأسماء الستة معربة من مكانين، فالضمة، والواو: علامة للرفع، والفتحة، والألف: علامة للنصب، والكسرة، والياء: علامة للجر.
وذهب البصريون إلى أنها معربة من مكان واحد، فالواو: علامة للرفع، والألف: علامة للنصب، والياء: علامة للجر. الإنصاف (مسألة ٢)، ١: ١٧.
(٢) ثمار الصناعة ٦٨.