كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب إعراب الاسم المعتل

صفحة 93 - الجزء 1

  يحملون الشيء على الشيء. فحملوا هاهنا، (ذو) على الصاحب، فذووه، كأصحابه، وكذلك (ذويه). ألا ترى أنه قد جاء: {وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ}⁣(⁣١) والمراد به: اجحدوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، أو يحاجوكم عند ربكم، إلا لمن تبع دينكم، فحمل: ولا تؤمنوا، على: اجحدوا، فعومل معاملته. ولو لم يكن كذا لكان: ولا تؤمنوا بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، أو يحاجوكم عند ربكم إلا لمن تبع دينكم، فكنت تعدي: تؤمنوا بالجارّين⁣(⁣٢)، ولا يجوز ذلك. كما لا يجوز التعدي بالهمزتين، ولا بالتشديدتين⁣(⁣٣)، ولا ينجيه قوله |(⁣٤): إن (لا تؤمنوا)، بمعنى: لا تقروا. لأن كل ما يدعيه في الإقرار، فهو مدعى عليه، في الإيمان، فلا (ذا)، ولا [قول الشاعر]:

  ٣٢ - فلأبغيّنكم قنا، وعوارضا ... ولأقبلنّ الخيل لابة ضرغد⁣(⁣٥)

  فقال هذا، لأنه مكان. وإذا كان كذلك، فهذا لا يغنينا إلا أن يكون يقدر الجار: إلى أن يؤتي، كالمطرح المرفوض الذي لا يكون أصلا. وهذا يتأتى على قول سيبويه⁣(⁣٦)، دون الخليل، لأنه يقدر أنّ (أن) منصوبة الموضع بالفعل الذي قبله⁣(⁣٧)، كما انتصب: {وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ}⁣(⁣٨).

  [١٧ / ب] [ومثله قول الشاعر]:

  ٣٣ - أمرتك الخير، فأفعل ما أمرت به ... فقد تركتك ذا مال، وذا نشب⁣(⁣٩)


= ٣: ٢٧):

إليكم ذوي آل النبي تطلّعت ... نوازع من قلبي ظماء، وألبب

وقال كعب بن زهير (ديوانه ١٥٢):

صبحنا الخزرجية، مرهفات ... أبار ذوي أرومتها ذووها

وقال الآخر (اللسان ذوو) ١٥: ٤٥٨):

إنّما يصطنع المع ... روف في الناس ذووه

(١) ٣: سورة آل عمران ٧٣.

(٢) يقصد بالجارين: اللام في: (لمن تبع دينكم)، والباء المقدرة في: (بأن يؤتى أحد ...).

(٣) أي: التضعيف.

(٤) أي: أبو علي الفارسي. مجمع البيان ٢: ٤٥٩، ٤٦٠.

(٥) البيت من الطويل، لعامر بن الطفيل (رواية ابن الأنباري)، في: ديوانه ٥٥ وفيه: الملا، بدل: قنا، ولأوردن، بدل: لاقلبن، والكتاب ١: ١٦٣، والمفضليات ٣٦٣، والخزانة ٣: ٧٤، ٧٦، ٧٨، ٧٩.

قنا: جبل في ديار بني ذبيان. عوارض: جبل لبني أسد. اللابة: الحرة ذات الحجارة السود. ضرغد: حرة، أو جبل بعينه.

(٦) الكتاب ٣: ١٥٣، تحت باب: (هذا باب من أبواب أن التي تكون، والفعل بمنزلة: المصدر).

(٧) يعني: أن الجار إذا حذف من: (أن يؤتى) كان على الخلاف، فيكون في قول الخليل: جرا، وفي قول سيبويه: نصبا.

(٨) ٧: سورة الأعراف ١٥٥، وتقديره: اختار موسى من قومه، فحذف (من) فوصل الفعل، فنصبه. وإنما حذف (من) لدلالة الفعل عليه، مع إيجاز اللفظ.

(٩) البيت من البسيط، لعمرو بن معديكرب، الزبيدي، في ديوانه ٣٥، والكتاب ١: ٣٧، والمغني ١: ٣١٥، =