سياسة المريدين،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

[أقسام التوبة]

صفحة 44 - الجزء 1

  وعليه يدل قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ٦٠}⁣[المؤمنون: ٦٠]. وقوله: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ٥٧}⁣[الإسراء: ٥٧]. وقوله: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ الَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ٩}⁣[الزمر: ٩].

[أقسام التوبة]

  ثم اعلم أن التوبة تنقسم قسمين: (قسم منها يتعلق)⁣(⁣١) بالإصلاح، وقسم منها يتم بالندم والعزم مع الخوف والاشفاق، فلا يحتاج لها إلى إصلاح شيء.

  فما يتعلق بالإصلاح ولا يتم إلا به⁣(⁣٢)، أو ببذل المجهود فيه كتوبة من عليه صلاة فآئتة، أو صيام فائت، أو زكاة فائتة، فإن توبته لا تصح إلاَّ بقضاء ذلك أجمع، أو بذل المجهود فيه، وكذلك مَنْ عليه النذور والكفارات لابد له من أداء ما عليه من ذلك، وإصلاح ما فسد بذلك من حاله، وهذه الجملة توبة من عليه الحقوق للآدميين من الدمآء والأموال والقذف والغِيبَةِ وسآئر وجوه الاعتداء؛ لأن التوبة لا


(١) في ص: منها ما يتعلق.

(٢) في (هـ، ك) وما لا يتم إلا به.