سياسة المريدين،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

[ترك الفضول من كل شيء]

صفحة 67 - الجزء 1

[ترك الفضول من كل شيء]

  وإنما استكثرنا من الروايات والحكايات الواردة في هذين البابين أعني حفظ اللسان وحفظ البطن؛ لأنهما أصل هذا الباب، وعليهما العمدة والمدار؛ ولأنهما أصعب من غيرهما؛ ونحب له أن يترك فضول النظر، وفضول السمع وفضول الفكر، وفضول سائر الحركات، قال الله تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ٣٦}⁣[الإسراء: ٣٦].

  ويستعين على ذلك أن يذكر عند سكوته أن الله تعالى مطلع على سره وضميره، وعند كلامه ونطقه أن الله تعالى يسمع كلامه، وعند أفعاله أن الله تعالى يرى⁣(⁣١) تصرفه وأعماله فيكون ذلك عونًا له على حفظ الجوارح؛ فإذا حصل له ذلك كان ممن قال الله تعالى فيهم: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}⁣[التوبة: ١١١] ثم قال في آخر الآية: {فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ}⁣[التوبة: ١١١] ولا يكون باع نفسه وماله إلا إذا سلك الطريقة التي بيناها في جوارحه وقلبه وماله.

  ويستعين على ذلك كله بقطع العلائق ورفض أسباب الدنيا ما أمكن، فإن العلائق هي الشاغلة للعبد عن غرضه في هذا الباب، قال


(١) في (ص) يعلم.