سياسة المريدين،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

[الخلوة]

صفحة 68 - الجزء 1

  الله تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ٧٨}⁣[التوبة: ٧٨]، وقال: {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ٧}⁣[طه: ٧]، وقال: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ٨٠}⁣[الزخرف: ٨٠]، وقال تعالى: {أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ١٤}⁣[العلق: ١٤].

  وحكي عن داود الطائي أنه قيل له: ألا تنظر؟ هذا فلان فقال: كانوا يكرهون فضول النظر. وحكي أنه قرع عليه الباب ففتح وأخرج رِجْلاً من الحجرة وأبقى رِجْلاً وقال: وكانوا يكرهون فضول المشي، وحكي أن بيته كان حارًا فقيل له: لو خرجت إلى ظل البيت لتجلس فيه؟⁣(⁣١) فقال هذه خُطىً لا أدري ما هي؟ وحكى أنه ربما وقع الذباب على وجهه فلا يُطيِّرُهُ حتى يجرح في وجهه، وقيل له: لو سرَّحت لحيتك؟ فقال: إني إذًا الفارغ.

[الخلوة]

  ويستعين على ما قدمنا ذكره من ضبط هذه الجوارح بالخلوة والانقطاع عن الناس والفرار منهم إلا من كان منهم على (منهجه)⁣(⁣٢) وطريقته، وكان طالبًا لما يطلب، ومريدًا لما يريد، فعند ذلك تحصل له منزلة المريدين، جعلنا الله منهم.


(١) في (ص) فجلست فيه.

(٢) في (ص): منهاجه.