سياسة المريدين،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

[مقدمة المؤلف]

صفحة 23 - الجزء 1

  

[مقدمة المؤلف]

  الحمد لله الذي وهب لنا⁣(⁣١) إلى سلوك مذاهب الأبرار سبلاً لائحة، ونصب لنا إلى لزوم مدارج الأخيار أدلةً واضحةً، وجعل من تَبتَّلَ إليه ووقف همَّهُ عليه مُشَاهِدًا لدواعي الحق التي ذهب عنها أكثرُ الخلق، فاستنقذهم من أسر الْحَيرَةِ، وعصمهم من بوادر الفتنة، وملّكَهُم أزمَّة قلوبهم، ووقاهم شُح نفوسهم، وآنسهم برياض تنزيله، وفَهَّمَهُم غوامض تأويله، وجعل لهممهم مطالع في ملكوته، ولضمائرهم مراتع في عظمته وجبروته، حتى عزفت نفوسهم عن كثير مما لهج به الخلق من الشهوات، وثبتت أقدامهم حيث دَحَضَتْ أقدامُ كثير من أهل الخطيئات {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ٢٧}⁣[إبراهيم: ٢٧].

  والحمد لله الذي جعل التوبة للمذنبين الْمُسرفين على أنفسهم وسيلةً ينالون بها متى أخلصوها⁣(⁣٢) كل فضيلةٍ، فقال تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ٥٣} إلى قوله: {وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ٥٥}⁣[الزمر: ٥٣ - ٥٥].


(١) في (ص) جعل لنا.

(٢) في (ص) متى أخلصوا.