سفره إلى الشام
سفره إلى الشام
  لما بلغ عمره أربع عشرة سنة سافر ابو طالب مع ركب يبغون التجارة ولكنه مع شفقته له وخوفه عليه من اليهود أخذه معه، فسافر به فوصلوا إلى بُصرى الشام، وكان هناك راهب يقال له بُحيرى، وكان لا يعترضهم كلما مرُوا، وفي هذه السفرة رآهم تحت شجرة ورأي فوقهم قطعة من غمام تظلهم فطلبهم، وأكرمهم وصنع لهم طعاماً فلا زال يتأمل في الصبي حتى فرغوا فقال لأبي طالب: من أبو هذا الصبي؟ فقال: توفي، قال: وأمه. قال: نعم، فقال له: إن لهذا الولد شأناً عظيماً، فاحذر عليه من اليهود، فإنهم أعداؤه. ولا زال ينمو في مكارم الأخلاق وفي سلوك يباين سلوك أهل مكة وغيرهم، حتى بلغ من حاله أن سموه بالأمين لوقاره وهديه وصدق لهجته، وبُعده عن الأدناس، وشرف أخلاقه، وكان لا يحضر مجالس الجاهلية، ولا يعبد صنماً، ولا يأكل مما ذبح عند الأصنام، وكان مطهراً من كل عيب، وكان يرعى غنماً لأهل مكة بالأجرة، ويقول ÷: «ما من نبي إلا وقد رعى غنما» وذلك ليأخذ كيفية الرعاية للأمة ولزيادة الرحمة والشفقة في قلبه.