مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

الهجرة إلى الحبشة

صفحة 29 - الجزء 1

الهجرة إلى الحبشة

  لما رأى رسول الله ÷ ما نزل بأصحابه من الأذى وما هو فيه من السلامة لمكانته من الله ودفاع عمه عنه وهو لا يقدر أن يمنع عنهم، فقال لهم: لو خرجتم إلى الحبشة فإن فيها ملكا لا يظلم أحد عنده حتى يجعل الله فرجا ومخرجا مما نحن فيه، فهاجر إلى الحبشة اثنا عشر رجلا وأربع نسوة وذلك في السنة الخامسة من البعثة وكان خروجهم سراً، فلما وصلوا إلى ملك الحبشة استقبلهم وأحسن إليهم وأمنهم وقالوا: قدمنا إلى أرض الحبشة فجاورنا بها خير جار أمننا على ديننا وعبدنا الله ولا نؤذي، ولا نسمع شيئاً نكرهه، هذا وقد كان لهجرتهم، وإن كانوا قليلا عظيم الأثر في تاريخ الإسلام ... وكان برهاناً ساطعاً لأهل مكة على بلوغ حرصهم على الإسلام وتفانيهم في احتمال ما يصيبهم من الأذى ومن المشاق والخسائر، وقد تركوا أهلهم وأولادهم في سبيل تمسكهم بدينهم وعقيدتهم وكانت هذه الهجرة تقدمة للهجرة الثانية لأنه بلغهم أن أهل مكة قد تركوا أذية المسلمين فعادوا إلى مكة فاشتد الأذى فأمرهم النبي بالهجرة الثانية وكان عددهم نحو ثمانين رجلا وإحدى عشرة امرأة وأقاموا بها إلى بعد هجرة النبي إلى المدينة وكان لهذه الهجرة أثر أعظم من الأولى، فلم يطمئن أهل مكة ولم يستريحوا ولم يسكن لهم بال حتى بعثوا رجلين إلى النجاشي ومعهم الهدايا العظيمة لعلمهم أن النجاشي إذا