الأصول الثمانية،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

[الوحدانية]

صفحة 39 - الجزء 1

  التضاد يعلم أنه صفة فعل، وما لا يجوز عليه التضاد يعلم أنه صفة ذات، فتفرق بين الصفتين حتى تكون عالماً بالله سبحانه وما يستحقه ويفعله، عارفاً التغيير، والنقصان يلحق بفعله ولا يلحقه في نفسه وذاته، عز ربنا وجل، فما خطر ببالك وألمّ بقلبك أن كيف هو؟ وأين هو؟ أو حيث هو؟ أو ما هو؟ وما شابه صفة محدثة من هذه الحروف وغيرها.

  فاعلم أنه بخلاف ذلك كله، وأنه خالق هذه الحروف وغيرها، ولا يجوز عليه شيء منها، حتى إذا اعتقدت ذلك علماً وسكنت إليه نفسك حقاً، آمنت به صدقاً، علمت حينئذ أنه ø عن كل شأن شأنه خلاف ما يتوهمه المتوهمون الجاهلون، وأن العارفين به هم الموحدون، وليس كما يتوهمه المتوهمون أو يظنه المتظننون عن تشبيه أو غيره، بل لا يعرف سبحانه إلا بفعله، ولا سبيل إلى معرفته من غير هذه الطريق، ومن عدل عن الاستدلال عليه بفعله - وترك النظر - كان ظاناً مقلداً، كما قال سبحانه فيما حكى من قول من تقدم وخلى من الجهلة المقلدين: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ٢٣}⁣[الزخرف: ٢٣] وما يشاكل ذلك من القرآن كثير والعلم فواسع غزير، وقصدي أن أجمع لك الأصول وما لا يسع جهله.

  وقد روي عن النبي ÷ أنه قال: «تفكروا في