الرد على مسائل المجبرة عن وسوسة إبليس وسائر الشياطين،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

لا يعقل أن يحذرنا النار ويدس علينا إبليس لنقع فيها:

صفحة 315 - الجزء 1

لا يعقل أن يحذرنا النار ويدس علينا إبليس لنقع فيها:

  ونقول لكم: فهل يجوز - عندكم - على قياس هذا الكلام - ان ينزل ربكم العظيم الكريم العادل الحكيم على نبيه، ÷ يحذرنا عن النار، وعن عمل يقربنا إلى الخلود فيها أبد الابيد، فيقول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ٦}⁣[التحريم]، ثم يدس عليهم إبليس وجنوده في خفاء، فيأتونهم من المواضع التي لا يقدرون على الحذر منها ولا الاتقاء لوقوعها، ولا يدرون ما ينجيهم من ليل أو نهار، فيدخلهم في الخطايا ويأمرهم بها، ويقدرهم عليها وهو قادر عليهم، لا حيلة لهم عن دفعه عن أنفسهم، ولا الحذر عما حذروا منه.

  فهو عند ذلك؛ إن صح هذا القول هو الذي دفرهم في جهنم، كما دفر ذلك الرجل العابد الصالح صاحبه من رأس الجبل إلى الأرض؛ لا فرق بين ذلك بمقياس شعرة، فميزوا ما قلنا، وجانبوا الهوى، ولا تقولوا على الله إلا الحق، فإنه لا يجوز على الله، ø؛ أن ينهى عن امر، ثم يوقع فيه، عز عن ذلك ربنا وتعالى الرؤوف الرحيم.

  ***

النفس هي التي توسوس لا إبليس:

  قال الله، ø: {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ١٦}⁣[ق] فتجد النفس هي التي توسوس لا إبليس، وقال الله، ø {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ}⁣[المائدة: ٣٠] فنجد نفس هذا طوعت له قتل أخيه لا إبليس.

  - وقوله، ø: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ}⁣[المجادلة: ٨] فنجد الأنفس هي الموسوسة.

  - وقال، ø: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}⁣[يوسف: ٥٣] فلم تجعلوا بعض هذا القول