جعل حكم وتسمية:
  ولم يذكر أن لهم نبياً من أنفسهم، قوله، ø: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ}[الأنعام: ١٣٠] يجوز في لغة العرب، التي يخاطب بها الجميع بالشئ الذي هو في البعض دون الكل.
  ومثل ذلك أنه لو كانت رجال عدنان وقحطان مجتمعة جميعاً في موضع واحد، وهم العرب المعرفون بالعربية، فقال لهم رجل من الهند أو من الروم أو من غيرهم: يامعشر العرب اليس محمد ÷، منكم؟ ... جاز لهم أن يقولوا: نعم، محمد منا. إذ هم العرب، وقد علموا أنه من مضر خاصة دون سائر القبائل.
  ومن الحجة أيضا قول الله، ø {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ١٩ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ ٢٠ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ٢١ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ٢٢}[الرحمن]، وقد علمت العرب والعجم أن اللؤلؤ والمرجان لا يخرج إلا من أحد البحرين دون الآخر؛ وقد قال الله، ø {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ٢٢}[الرحمن]، وليس يخرج ذلك إلا من أحدهما دون الآخر. فافهم هذا الباب، إن شاء الله.
  ***
جعل حكم وتسمية:
  وأما قوله - ø: {إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ٢٧}[الأعراف] فهذا جعل حكم وتسمية لا جعل جبر، وقد قال الله، ø، في قصة إبراهيم، ع، حيث قال: {يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا ٤٥}[مريم].
  فقال القائل: اليس هو الآن وليا للشيطان؟!
  قلنا: بلى، ولكنه عني به أن يكون قريناً له في نار جهنم.