الحجة الثالثة الله لا يفعل الجور ولا يضل العباد ولا يصدهم عن الرشاد
الحجة الثالثة الله لا يفعل الجور ولا يضل العباد ولا يصدهم عن الرشاد
  ومن الحجة لنا في إبطال مقدرة إبليس، عليه لعنة الله، على الخلائق وضعفه وعظيم عجزه، أن الله ø، لا يفعل الجور ولا الفساد ولا يضل العباد ولا يصدهم عن الرشاد.
  فإنه حذرنا عن إبليس، في غير موضع من القرآن (الكريم)، وأمرنا أن لا نفعل كفعله، من ذلك قوله، ø: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ٦٠}[يس].
  وأنتم - أيها المخالفون لنا - تشهدون وتعرفون أن أحداً لم يعبد إبليس قط، ولم يصم ولم يزك (له) ولم يحج؛ وإنما المعنى في ذلك يخرج على لغة العرب المعروفة بينهم، وأن تلك العبادة هي طاعة إبليس في اتباع هواه، والميل عن الحق إلى مراده ورضاه، فسمى ذلك عبادة، كما تقول العرب: فلان يعبد فلاناً. يعنون أنه يطيعه ويصير إلى أمره وقال الشاعر:
  بجيش تظل البلق في حجراته ... ترى الأكم فيه سجداً للحوافر
  يعني أن الأكم مطبعه لحوافر الخيل.
  وقال الله، ø: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا}[البقرة: ٥٨]، والداخل لا يكون ساجداً، وإنما المعنى فيه ادخلوا الباب مطيعين؛ فجاز ذلك في لغة العرب.
  ***