نفي كون لإبليس تأثير في قلوبنا:
  وهذا الشيطان - الذي ذكره مخالفونا - لم يلقانا قط فيكلمنا مواجهة ولم يكلمنا من وراء حجاب؛ ولم يخاطبنا على لسان رسول بعثه إلينا؛ فلم يأتنا منه كتاب نقرأه ونعلم ما فيه، وليس البنية - التي نحن عليها - تعقل الأشياء، ولا تصل إلى علمها إلا من هذه الجهات، وهي الحواس الخمس - التي لا سبيل لبني آدم إلى شئ مما يدركونه إلا بها - وقد سقطت كلها عما ادعوا؛ وأن إبليس لم ياتنا قط من قبل الحواس الخمس.
  فقد بان هذا، وصح وبطلت فيه دعوى كل كاذب على الله، ø؛ وعلى كتابه؛ إذ جهلوا القرآن ومعانى اللغة العربية فيه.
نفي كون لإبليس تأثير في قلوبنا:
  فإن قالوا: إنما يأتي إبليس الناس من قبل أن يوقع ذلك في قلوبهم لا غير ذلك.
  لزمهم القول الأول؛ أنه يجب له من القوة والقدرة الدقيقة اللطيفة ما يجب لرب العالمين العلي العظيم؛ الذي لا يقدر على تصريف القلوب وتقليبها غيره، ø!
  وإبليس اقل واذل وأضعف من ان يكون بهذه المنزلة العالية الرفيعة، التي لم يقدر عليها الملائكة المقربون والانبياء المرسلون؛ وقد مدح الله، ø، نفسه - في غير موضع من القرآن - باطلاعه على القلوب وعلمه بالضمائر وقدرته على تصريفها وتقليبها، فقال: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ٢٤}[الأنفال].
  فإن كان إبليس يقدر أن يحولَ بين المرء وقلبه، فقد لزمهم ووجب عليهم أن له قدرة كقدرة الله، ø، وأنه قد ساواه في هذه المنزلة التي مدح الله (ø) بها نفسه ولم يكن له عليه فضل.
  وقد زعمتم أن إبليس يقدر أن يحول بين المرء وقلبه.
  ومن قال بهذا فقد بان كفره وظهر جهله، وخرج من الإسلام كافة، وقال الله، ø: {وَنَعْلَمُ مَا