الرد على مسائل المجبرة عن وسوسة إبليس وسائر الشياطين،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

الإنس تفعل فعل إبليس وتعصى الله كعصيانه:

صفحة 350 - الجزء 1

الإنس تفعل فعل إبليس وتعصى الله كعصيانه:

  وما التجوا به قول الله، ø، يخبر عن إبليس يوم القيامة حيث قال: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٢٢}⁣[إبراهيم].

  وقد يخرج هذا القول، والله أعلم، أنه عنى بذلك من مال إلى المعاصي والخطايا كميله وفعل كفعله، ومثل ذلك قول الله، ø، في قوم من بني إسرائيل حيث خاطبهم بفعل غيرهم؛ {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ}⁣[البقرة: ٩١]، وهم لم يقتلوا أنبياء الله، وإنما الذين قتلوهم أباؤهم، وكانوا راضين بفعل ابائهم، فألزمهم، ø، مارضوا به وصاروا إليه، من اتباعهم لأبائهم على سنتهم وكفرهم، فسماهم قاتلين للأنبياء، صلى الله عليهم، وهم لم يقتلوهم فعلا.

  هذا يخرج قول إبليس لهم إذ كانوا على على سنته ومنهاجه وطاعته في مراده. وهذا يخرج على التوقيف لهم والتقريع.

  واما قوله: {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ}⁣[إبراهيم: ٢٢] فهذا على أنه عنى بذلك آدم وحواء، $؛ إذ شاركاه فيما حكى الله، ø، عنهما إذ قال {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا}⁣[الأعراف: ١٩٠]، الا ترى إلى قوله: {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ}⁣[إبراهيم: ٢٢] فهذا يخرج على ما ذكرت لك.

  فافهمه، أرشدك الله ووفقك.