[قصة كليم الله موسى مع الخضر @]
  يقول: لا تدري ما خبا لك الدهر، فكرر كليم الله # الكلام مؤكداً: {قَالَ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِرٗا وَلَآ أَعۡصِي لَكَ أَمۡرٗا ٦٩} فقد عزم ~ على المقرى مهما بلغ الثمن من المواظبة على المعاشر واقتناص الفوائد غير أن قوله: {لَن تَسۡتَطِيعَ مَعِيَ صَبۡرٗا ٦٧} تشعر بما وراءها ولا يدرى ما هي الأمور الشاقة في هذا المقرى والتعليم استناداً إلى قوله: {وَكَيۡفَ تَصۡبِرُ عَلَىٰ مَا لَمۡ تُحِطۡ بِهِۦ خُبۡرٗا ٦٨} فتناسى كل ذلك مستعيناً بالرحمن، عند ذلك علم الخضر أنه عازم لا محالة فأخذ بذلك عليه شرطاً من شروطه قائلاً: {فَإِنِ ٱتَّبَعۡتَنِي فَلَا تَسۡـَٔلۡنِي عَن شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ أُحۡدِثَ لَكَ مِنۡهُ ذِكۡرٗا ٧٠} أورد الكلام بـ «إن» الدالة على الشك ثم بـ «لا» الناهية ليجعلها قفلاً للسان كليم الله # قال تعالى: {فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰٓ إِذَا رَكِبَا فِي ٱلسَّفِينَةِ خَرَقَهَاۖ قَالَ أَخَرَقۡتَهَا لِتُغۡرِقَ أَهۡلَهَا لَقَدۡ جِئۡتَ شَيۡـًٔا إِمۡرٗا ٧١} نعم، كلمة «انطلقا» تشعر بهمة عالية وإن كانت الآراء مختلفة، فانطلاقة الخضر وعزمه تختلف عما موسى عليه، فالخضر يريد تصديق قوله: {إِنَّكَ لَن تَسۡتَطِيعَ مَعِيَ صَبۡرٗا ٦٧} وموسى # بخلافه يريد الوفاء بوعده وتطبيقاً لقوله: {سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِرٗا وَلَآ أَعۡصِي لَكَ أَمۡرٗا ٦٩}.
  وموسى # لا يعلم شيئاً من الأمور القادمة، والخضرُ يعلم القصة من أولها إلى آخرها، ومضيا على شاطئ البحر فما هو إلا وقت قصير وإذا بقوم لهم سفينة وقد اختلفت آراء القوم