فوائد وفرائد،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

مصائب الحسد

صفحة 166 - الجزء 1

  أشد من جهاد الأعداء وعليه أن يوبخ نفسه بما يوبخ العصاة المفسدين وينظر إليها نظره لأعداء الدين وإذا لم يفعل ذلك ألقت به في مستنقع المعاصي الكبار وينقل اسمه من مؤمن إلى دواوين الأشرار.

  اسمع وافقه ما حكى ربنا في ذلك لمن هذا حاله يقول الله سبحانه وتعالى: {وَٱتۡلُ عَلَيۡهِمۡ نَبَأَ ٱلَّذِيٓ ءَاتَيۡنَٰهُ ءَايَٰتِنَا فَٱنسَلَخَ مِنۡهَا فَأَتۡبَعَهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ فَكَانَ مِنَ ٱلۡغَاوِينَ ١٧٥ وَلَوۡ شِئۡنَا لَرَفَعۡنَٰهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُۥٓ أَخۡلَدَ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُۚ فَمَثَلُهُۥ كَمَثَلِ ٱلۡكَلۡبِ إِن تَحۡمِلۡ عَلَيۡهِ يَلۡهَثۡ أَوۡ تَتۡرُكۡهُ يَلۡهَثۚ ذَّٰلِكَ مَثَلُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَاۚ فَٱقۡصُصِ ٱلۡقَصَصَ لَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ ١٧٦}⁣[الأعراف]، تأمل ما في هذا القصص وأمعن نظرك، أخبر الله سبحانه أنه آتى بلعام بن باعوراء آياته وكان مستجاب الدعاء، قيل: إنه كان يدعو الله في حاجة من الحاجات فيريه الله علامة الإجابة فكبرت نفسه عنده فكان لا يكبِّر لأحد قدراً، فلما بعث الله موسى حسده وقام يطعن عليه ويتنقصه حباً منه للثناء وطمعاً في الترفع إخلاداً منه إلى الدنيا الفانية وترك الآخرة الباقية، فهذا معنى الانسلاخ من آيات الله فلما فعل ذلك جعل للشيطان عليه مدخلاً، ومن قبل ذلك كانت عناية الله به محيطة وألطافه للشيطان دافعة قال تعالى: {وَلَوۡ شِئۡنَا لَرَفَعۡنَٰهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُۥٓ أَخۡلَدَ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُۚ} نعم، لو كان خطأ بلعام من جهة الغلط أو النسيان لرفعه الله من سقطته