التفكر وفضله
  فقال: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعۡمَةَ} ولم يقل: نعم الله، فالنعمة الواحدة لا أحد يستطيع عدها فما بالك بنعم الله كلها، وإذا حصل للإنسان رمد أو زكام تأذى من ذلك وبحث عن العلاج ولم يطق الصبر على ذلك.
  وكذلك لولا نعمة السمع لما وجد على الأرض عالم من يوم خلق الله آدم # إلى يومنا هذا وإلى يوم القيامة، ولولا السمع لما حصل بيع ولا شراء ولا معاملات، فبالسمع نفرق بين الأصوات، فكل واحد يعرف كل واحد من الأسرة إذا طرق الباب ليلًا عندما يسمع كلامه، ولولا ذلك لحصل الفساد، وبالسمع نميز بين أصوات الحيوان وغير ذلك كثير، فالأصم يحس أنه معزول عن العالم يتأذى إذا وقع كلام وضحك في حضرته، وقد يحصل له مرض نفسي بسبب فقد هذه الآلة، فلله المنة والحمد كثيرًا كثيرًا.
  تفكر في نعم الله علينا بمداخل الغذاء ومخارج الأذى، فكم من مبتلى لا يدخل له الطعام إلا بالمواصير، ولا يتناول من الطعام إلا الشيء اليسير، ونرى بعضهم حاملًا لقربة البول في يده، والبعض يتبرز من غير مخرجه، والمعافى بخلاف ذلك يتناول ما شاء من الأطعمة والأشربة، يصل جميع ذلك بكل سهولة والله الذي يتولى هضمها وإيصال منافعها إلى دم الإنسان ولحمه وجلده وشعره ومخه وسمعه وبصره ورئته وكلاه وأسنانه، فكل