فوائد وفرائد،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

توجيه ونصيحة لطالب العلم خاصة وغيره عامة

صفحة 47 - الجزء 1

  وحقّرها، حين مدحهم وشرفهم وأكرمهم بقوله تعالى: {وَعِبَادُ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمۡشُونَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ هَوۡنٗا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلۡجَٰهِلُونَ قَالُواْ سَلَٰمٗا ٦٣}⁣[الفرقان]، فشرفهم سبحانه وتعالى بإضافتهم إلى اسمه «الرحمن»، والرحمن هو المتفضل بجلائل النعم، والتكليف من جلائل النعم فبه استحق الأبرار مجاورة الأنبياء في جنات النعيم، وتسليم الملائكة عليهم في جنات النعيم، قائلين: {سَلَٰمٌ عَلَيۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ ٢٤}⁣[الرعد].

  نعم، نفس الإنسان تملي عليه وتنازعه من بداية أمره، فرغبته في الترفع من ابتداء عمره، فهو يحب أن تكون كلمته هي العليا ورأيه الصواب ومخالفة أشواره هو العذاب، فلا يرى لأحد من أصحابه رأياً فوق رأيه، ولا صواباً إلا ما جاء به، وهذه الخلائق تنازعه دائماً حتى يقهرها بعقله الراجح وفكرته الصافية وسماعه لأشوار الناصحين وتدبره لآيات أحكم الحاكمين.

  وإن لم يعالجها بما ذكر ألقت به في مكان سحيق، ألا ترى من يرى لنفسه فوق قدرها أين وصلوا وأين حلوا ونزلوا؟! عميت بصائرهم وتحيرت أفكارهم وتاهت حلومه، فهم يركضون وراء التعظيم والرفعة لكن من غير وجهها شبيه من يريد الصعود بلا حبل ولا سُلَّم، فبعضهم يعتقد أن العزة والكرامة في حطام الدنيا، وبعضهم يظن أن ذلك في التولي على الناس حتى يظهر من هذا حاله ويشار إليه بالأصابع، والبعض الآخر يظن أن ذلك في التلطف بالأخلاق الساذجة والتصيد لقلوب الغافلين، وكل ذلك