فوائد وفرائد،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

توجيه ونصيحة لطالب العلم خاصة وغيره عامة

صفحة 48 - الجزء 1

  أماني كاذبة وكسراب بقيعة، فالعزة لله ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون، فالله سبحانه وضع عباده المتقين وملائكته وأنبياءه عليهم صلوات رب العالمين في مواضعهم وأنزلهم فيما يستحقونه من درجاتهم فكلٌّ بما يليق به حقيق، فهذا له شهرة في أفعاله، وهذا في دعوته، وهذا في عبادته، وهذا خامل الذكر فلا يكاد يعرف بين جنسه، فالكل راضون بما هم فيه من درجاتهم وإن نزل منها فهو بذلك أسعد؛ لأنهم قد شغلهم عن الرفعة في الدنيا ما هم عليه قادمون وإليه لا محالة صائرون، فلذلك ومن أجل ذلك لا يرون الرفعة في الدنيا إلا كسراب بقيعة يحسبه الضمآن ماء، فهم من الخوف ومن عذاب الله لأنفسهم يقهرون، ولأعمالهم الخالصة المرضية يحقرون نُصِب بين أعينهم: {فَلَا تُزَكُّوٓاْ أَنفُسَكُمۡۖ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰٓ ٣٢}⁣[النجم]، {يَعۡلَمُ مَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ فَٱحۡذَرُوهُۚ}⁣[البقرة: ٢٣٥]، {وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ نَسُواْ ٱللَّهَ فَأَنسَىٰهُمۡ أَنفُسَهُمۡۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ١٩}⁣[الحشر].

  فمن خرج من هذه الأخلاق الكريمة والآراء الحكيمة، طالباً للرفعة من غير وجهها - فقد باء بالخسران المبين، وجلب لنفسه السخط والمقت من رب العالمين، فالرفعة لمن رفعه الله وإن كان في أعين الناس وضيعاً، والضعة لمن وضعه الله وإن كان في نفسه وعند بعض الناس رفيعاً، فالرفعة والضعة من الله تقع كأسعار السلع المستهلكات، فمن اتقى الله وطلب بعمله الآخرة ارتفع وإن رغمت آناف الحاسدين، ومن طلب الرفعة من غير وجهها