فوائد وفرائد،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

التحذير من التساهل في حقوق المخلوقين

صفحة 67 - الجزء 1

  يسهر الليالي ويتأذى الأيام والشهور وأحياناً السنين من أذية البعض، ومن أسهره نومه وآذاه في تلك الأيام لا يلقي لذلك بالاً ولو علم أنه مخطئ ويستمر كذلك، وإذا وقع الصلح بينهما فينسى أو يتناسا أنه أخطأ على صاحبه فلا يطلب براءة ولا سمحاناً حتى ولو طلب المظلوم التسامح فالآخر لا يظهر ذلك بل يحاول أن يتكتم كي لا يظهر أنه مخطئ ويظن أنه بذلك قد زكى نفسه وأن ذمته بريئة ويخبر الناس أن الآخر طلب منه السمحان وما ذلك إلا لخطئه عليه وتمر الأيام حتى تصير القضية في عداد المنسيات غير أنها مزبورة في صحيفة سيئاته وما كان ربك نسياً.

  وآخر له خصال حميدة مع من يعامله وذلك وقت الرضا وله أيضاً صنائع خير من صدقات وأفعال خير، فإذا وقع بينه وبين أحد شركائه أو زملائه أو أصحابه خلاف فإنه يغمط الحق ولا يبالي ولا يسمع لنصيحة ناصح كبر الناصح في عينه أم صغر وذلك منه ركون على أفعال الخير والإحسان إلى الآخرين وتراه يشنِّع على الذي غمطه حقه أنه هين وبخيل قائلاً كم قد فعلنا من الخير وأعطينا من المال ولم نفعل مثل فعله فيحول نفسه من مخطئ إلى مصيب ومن مبطل إلى محق وصدق الله العظيم القائل: {قُلۡ هَلۡ نُنَبِّئُكُم بِٱلۡأَخۡسَرِينَ أَعۡمَٰلًا ١٠٣ ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعۡيُهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ يُحۡسِنُونَ صُنۡعًا ١٠٤}⁣[الكهف]، فهذه القضايا وأمثالها يجب التنبه لها والحذر منها وإرغام النفس