فوائد وفرائد،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

التحذير من التساهل في حقوق المخلوقين

صفحة 68 - الجزء 1

  لطلب المسامحة من أهلها، ومن أراد أن يعرف شناعة فعله فيضع نفسه محل من يتعتب عليه ويشكو منه وسيظهر له خطأه من صوابه وقد أوصى أمير المؤمنين ولده @ بذلك قائلاً: (اجعل نفسك ميزاناً بينك وبين الناس).

  والمؤمن الذي له عناية من ربه لا يدخله رضاه في باطل ولا يخرجه غضبه من الحق، وأي جرعة أحلى وألذ عند المظلوم من الإنصاف، فمن لم ينصف من نفسه اليوم فإنه يدفع ثمن ذلك غداً وثمن التمادي في الغي، {وَيَقُولُونَ يَٰوَيۡلَتَنَا مَالِ هَٰذَا ٱلۡكِتَٰبِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةٗ وَلَا كَبِيرَةً إِلَّآ أَحۡصَىٰهَاۚ وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرٗاۗ وَلَا يَظۡلِمُ رَبُّكَ أَحَدٗا ٤٩}⁣[الكهف].

  ومن ذلك ما يقع بين طلبة العلم وأصحاب المساجد - أعني: المواظبين على الصلوات في ذلك المسجد - مثلاً فإنك ترى البعض قلبه مجروح من أذية بعض زملائه أو من بعض من يحضر في ذلك المسجد فهذا يسهر وهذا ينام وهو يشعر بتأذي المظلوم فلا يزال مشمراً في غيه ويطلب لنفسه المعاذير ولو ذكر عنده أنه يقع من بعض الناس على بعض الناس مثل فعله لشنع عليه غاية التشنيع فإنا لله وإنا إليه راجعون وبه عائذون.

  ومن ذلك ما يقع من القهر من الأعلى إلى الأدنى ويبرر ذلك أنه قد تعب في تحصيل العلم وفي هداية الناس وأنه يحق له أن يقهر غيره بأنواع الكلام ولو بين الناس وإذا أظهر ذلك الغير التضجر فإن