فوائد وفرائد،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

تحذير بليغ من أذية الغير

صفحة 75 - الجزء 1

  السبب الثالث: الحسد وما أدراك ما الحسد، وهل يخلو منه صدر مكلف إلا من عصم الله وهم الأقلون عدداً والأعظمون عند الله قدراً، فالحاسد لا يرضيه من الآخر إلا زوال نعمته، فترى صاحب هذه الخليقة يتناول السم من حيث لا يدري، يبرر ذلك بالتأويلات الكاذبة فتارة يقول: ما فعلت ذلك حسداً ولكن حرصاً مني على صلاحه ولئلا يغتر، وأخرى أنا أعرف به من الناس، وأحياناً يقول: دينه ضعيف وأنا أعرف بمصلحته من نفسه، فهو يطعن عليه ليلاً ونهاراً ويدعو إلى تنقيصه سراً وجهاراً، {وَهُمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ يُحۡسِنُونَ صُنۡعًا ١٠٤}⁣[الكهف]، نسي أو تناسى أن الرفعة والضعة بيد أقدر القادرين وأحكم الحاكمين وهل نقص فضل أمير المؤمنين وسيد الوصيين من تنقيص الفجرة أعداء الدين وقد كانوا يلعنونه من على منابر المسلمين فالرفعة من الله لمن لم يركض وراءها ولم يعمل يوماً ما من أجلها، ألا تسمع إلى قول الله تعالى: {يَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖۚ}⁣[المجادلة: ١١]، ذكر الله المؤمنين والعلماءُ داخلون دخولاً أولياً ثم ذكر العلماء تشريفاً لهم وللعلم، غير أن الإيمان لا يتم إلا لمن عرف قدر نفسه وشكر ربه على نعمه وعلى ستر فضائحه فتراه لا يكبر لنفسه قدراً في جميع أحواله بل يذمها بصدق من صميم فؤاده وقد عقل عن الله: {فَلَا تُزَكُّوٓاْ أَنفُسَكُمۡۖ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰٓ ٣٢}⁣[النجم]، وكلما تقرب إلى الله