فوائد وفرائد،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

باب وجيز في التوحيد

صفحة 8 - الجزء 1

  والصنع فكل ما يمكن أن يتصوره أو يتوهمه العقل سواء قبل وجوده وصنعه أو بعد وجوده ووقت اختفائه فهو محدث يمكن أن يوجد بعد العدم ويمكن أن يعدم بعد الوجود.

  انظر في البحر مثلاً له حدود ومقادير وصفات يعلم بها وكان يمكن أن يتوهمه المتوهم ويتصوره المتصور قبل وجوده، وكذلك يمكن لمن لم ير البحر بعد وجوده أن يتوهمه أو يتصوره، وعلى ذلك قس بقية المخلوقات والمصنوعات قبل وجودها وبعد حدوثها، بخلاف الخالق جلت قدرته فهو سبحانه لا يُتوهم ولا يتصور لا قبل معرفته ولا بعدها فلا يعرف سبحانه وتعالى إلا بمخلوقاته فلا يجوز التفكر في رب العزة وفي صفاته، فالتفكر في شيء من ذلك إلحاد كما قال الوصي سلام الله عليه: (من تفكر في الخالق ألحد، ومن تفكر في المخلوقات وحد) فالعقل إذا شرع في التصور والتوهم فهو سارح في ميادين المخلوقات والمصنوعات والمجعولات فمن عبد ما يتوهمه عقله فقد عبد غير الله سبحانه وتعالى، وسواء توهمه في سماء أو في أرض أو فوق أو تحت أو يمين أو شمال أو على كرسي أو بدون أو من ذهب أو من فضة أو غير ذلك؛ لأن المتوهم إذا توهم ذلك فلا يتوهمه إلا وله حدود يعلم بها من كبير أو صغير من حيوان أو جماد وفي جهة من الجهات وعلى كيفيات يعلم بها، وكل ذلك دلائل الحدوث فيه موجودة وقد سبق جميع ذلك العدم فلا معرفة لله سبحانه إلا بما أوجد وأبدع من مصنوعاته التي خلقها من العدم.