في حق الوالدين
  ما كلف الله به أنبياءه من الدعوة إليه والتبليغ لشريعته وأنهم يلقون من العناء ما لا يطيقه غيرهم كذلك بار والديه لا بد له من الصبر على بر والديه فالله سبحانه أعلم بمصالح عباده، وليحذر المقصر عقوبة الله وسلب النعم عليه، والنعم يجب فيها الشكر وشكر الواجب الامتثال.
  نعم، لا بد من التضحية والتعب لمن أراد الخير الكثير والأجر الكبير في حق والديه وأسرته لا سيما إذا كانوا إخواناً عدة فإنك لا تكاد ترى في كل أسرة كبيرة إلا واحداً يثني عليه الكبير والصغير والقريب والبعيد فقد كبره الله لأجل صبره وإن كان الصغير كساه نوراً في وجهه وبسطة في جاهه وذكراً على ألسنة مجتمعه، ولكن بعد عناء وشدة حتى ملكه الله زمام نفسه يتسلى بما وعد الله عباده الصابرين يذكر عواقب الأمور فتهون عليه مصائب الدنيا وهمومها، ومن أعظم البلاء في حق الوالدين والأسرة أن تكون أيها الإنسان باراً بهما وهما لا يكبِّران لك قدراً قد أَوليا الثناء غيرك من أولادهما فتنة له واختباراً لك وابتلاء حتى إن بعض الناس يؤثر والديه على نفسه وعياله وزوجته وهما يبران بذلك أحد أولادهما أو بناتهما المقصرين بمرأى ومسمع ممن يبرهما من الأولاد، هذا غاية التمحيص والابتلاء غير أن الإنسان يعامل من لا تخفى عليه السرائر المالك لزمام الأمور من بيده خزائن السماوات والأرض، فعلى البار المحسن أن يواجه المتاعب بعلمه