في حق الوالدين
  واعتقاده أن الله بكل شيء عليم وأنه يعامل بذلك من لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
  فمن عامل نفسه بهذه الطريقة فإنه - والذي رفع السماء وبسط الأرض - يرى في القادم من أيامه ما تقر به عينه وترتاح له نفسه من رغد العيش وبر الولد وانقياد الأمور بأزمتها وقد شكا عليَّ بعض الإخوان أنه يعاني من قساوة والده أكثر مما يعامل به أولاده الباقين وأنه يخدمه في المزرعة المشتركة وإخوانه يجمعون لهم كل على حده وأنا أعرف والدهم أنه من أهل الدين والتقوى وأن هذه القضية من جملة البلوى على هذا الولد والتمست أن الولد صاحب عقل راجح ولم أكن أعرفه إلا في تلك الجلسة فعزمت على وعظه وتذكيره وأن طريقته هي الناجحة وأين بلغ بيوسف النبي صبرُه وما كان عاقبة أمره وأَقْنَعْتُه أن خدمة والده في المزرعة وبره أنجح له في جلب المال وكسبه وأن طاعته لوالده وإدخال السرور بذلك على والدته خير من الدنيا وما فيها وأنه إن أطاعني سوف يرى ما يشفي غليل قلبه وعند ذلك أخذ بنصيحتي واستمر في بر والده المؤمن تاركاً للدنيا مقبلاً على الآخرة مشمراً بكل جد وعزيمة، فوالله الذي لا إله إلا هو ما هي إلا أيام وشهور حتى تحولت الأمور إلى صالحه ومن جملة ما طمأن الله فؤاده به حسب ما أخبرني بذلك أنه في يوم من الأيام كان نائماً أو ليلة من الليالي فرأى في منامه أن أمير المؤمنين يناديه من أجل