بحث حول الخوف
  رَبِّهِۦ وَنَهَى ٱلنَّفۡسَ عَنِ ٱلۡهَوَىٰ ٤٠ فَإِنَّ ٱلۡجَنَّةَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ ٤١}[النازعات]، فأخبر الله أن الخوف ومجاهدة النفس يوصلان إلى جنات النعيم، ومن أصدق من الله قيلاً، ومن أصدق من الله حديثاً.
  فإن قيل: كيف الطريق إلى أسباب الخوف، وما هي؟
  قلت: هي ما دلنا عليه رسول الله ÷، وأهمها قوله ÷: «من أكثر من ذكر الموت سلا عن الشهوات، ومن سلا عن الشهوات هانت عليه المصيبات، ومن هانت عليه المصيبات سارع إلى الخيرات»، تأمل ما في هذا الحديث من البلاغة والفوائد على صاحبه وآله أفضل الصلاة والتسليم.
  قوله: «من أكثر من ذكر الموت سلا عن الشهوات» فالإكثار من الشيء معروف عند أصحاب العقول غير أنه محدد في هذا الحديث الشريف كما يحدد الطبيب الماهر جرعة العلاج وأبلغ من ذلك، فالطبيب يخبر بعافية المريض مع استعمال العلاج عن ظن، ورسول الله ÷ يخبر عن علم.
  نعم، فإذا سلا الإنسان عن الشهوات فقد أكثر من ذكر الموت فالشهوات هي السموم القاتلة فمن قتلها بذكر الموت استطاع أن يسارع إلى الخيرات، قال المصطفى ÷: «حب الدنيا رأس كل خطيئة»، وقال ÷: «الدنيا أسحر من هاروت وماروت»، وقال أمير المؤمنين #: (الدنيا كالحية مسها لين، وسمها قاتل).
  فذكر الموت من أقوى أسباب الخوف، والإكثار من ذكر الموت