الباب السادس في فضل الحسن والحسين @ وما يتصل بذلك
  بُطُونُكُمْ مِنَ الْحَرَامِ، فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِكُمْ، وَيْلَكُمْ! أَلَا تُنْصِتُونَ! أَلَا تَسْتَمِعُونَ!.
  فَتَلَاوَمَ أَصْحَابُ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ بَيْنَهُمْ، وَقَالُوا: أَنْصِتُوا لَهُ، فَأَنْصَتُوا.
  فَقَامَ الْحُسَيْنُ # فِيهِمْ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ ÷، ثُمَّ قَالَ: تَبًّا لَكُمْ أَيَّتُهَا الْجَمَاعَةُ وَتَرْحًا، أَفَحِينَ اسْتَصْرَخْتُمُونَا وَلِهِينَ مُتَحَيِّرِينَ فَأَصْرَخْنَاكُمْ مُوجِزِينَ مُسْتَعِدِّينَ سَلَلْتُمْ عَلَيْنَا سَيْفًا فِي رِقَابِنَا، وَحَشَشْتُمْ عَلَيْنَا نَارَ الْفِتَنِ، جَنَاهَا عَدُوُّكُمْ وَعَدُوُّنَا، فَأَصْبَحْتُمْ إِلْبًا عَلَى أَوْلِيَائِكُمْ، وَيَدًا عَلَيْهِمْ لِأَعْدَائِكُمْ، لِغَيْرِ عَدْلٍ أَفْشَوْهُ فِيكُمْ، وَلَا أَمَلٍ أَصْبَحَ لَكُمْ فِيهِمْ؛ إِلَّا الْحَرَامَ مِنَ الدُّنْيَا أَنَالُوكُمْ، وَخَسِيسَ عَيْشٍ طَمِعْتُمْ فِيهِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ كَانَ مِنَّا وَلَا رَأْيٍ تَفِيلٍ، فَهَلَّا - لَكُمُ الْوَيْلَاتُ - تَجَهَّمْتُمُونَا وَالسَّيْفُ لَمْ يُشْهَرْ، وَالْجَأْشُ طَامِنٌ، وَالرَّأْيُ لَمْ يُسْتَخَفَّ، وَلَكِنْ أَسْرَعْتُمْ إِلَيْنَا كَطَيْرَةِ الذُّبَابِ، وَتَدَاعَيْتُمْ كَتَدَاعِي الْفَرَاشِ؛ فَقُبْحًا لَكُمْ، فَإِنَّمَا أَنْتُمْ مِنْ طَوَاغِيتِ الْأُمَّةِ، وَشُذَّاذِ الْأَحْزَابِ، وَنَبَذَةِ الْكِتَابِ، وَنَفْثَةِ الشَّيْطَانِ، وَعُصْبَةِ الْآثَامِ، وَمُحَرِّفِي الْكِتَابِ، وَمُطْفِئِي السُّنَنِ، وَقَتَلَةِ أَوْلَادِ الْأَنْبِيَاءِ، وَمُبِيرِي عِتْرَةِ الْأَوْصِيَاءِ، وَمُلْحِقِي الْعُهَّارِ بِالنَّسَبِ، وَمُؤْذِي الْمُؤْمِنِينَ، وَصُرَّاخِ أَئِمَّةِ الْمُسْتَهْزِئِينَ، الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ، وَأَنْتُمُ ابْنَ حَرْبٍ وَأَشْيَاعَهُ تَعْتَمِدُونَ، وَإِيَّانَا تُخَاذِلُونَ، أَجَلْ وَاللهِ خَذْلٌ فِيكُمْ مَعْرُوفٌ، وَشَجَتْ عَلَيْهِ عُرُوقُكُمْ، وَتَوَارَثَتْهُ أُصُولُكُمْ وَفُرُوعُكُمْ، وَثَبَتَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ، وَعَشِبَتْ صُدُورُكُمْ، وَكُنْتُمْ أَخْبَثَ شَيْءٍ سِنْخًا لِلنَّاصِبِ، وَأُكْلَةً لِلْغَاصِبِ. أَلَا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى النَّاكِثِينَ، وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا، وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا، وَأَنْتُمْ وَاللهِ هُمْ.
  أَلَا إِنَّ الدَّعِيَّ ابْنَ الدَّعِيِّ قَدْ رَكَزَ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ، بَيْنَ الْقِتْلَةِ وَالذِّلَّةِ، وَهَيْهَاتَ مِنَّا أَخْذُ الدَّنِيَّةِ، أَبَى اللهُ ذَلِكَ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ، وَجُدُودٌ طَابَتْ، وَحُجُورٌ طَهُرَتْ، وَأُنُوفٌ حَمِيَّةٌ، وَنُفُوسٌ أَبِيَّةٌ، لَا تُؤْثِرُ مَصَارِعَ اللِّئَامِ عَلَى مَصَارِعِ الْكِرَامِ.
  أَلَا قَدْ أَعْذَرْتُ وَأَنْذَرْتُ، أَلَا إِنِّي زَاحِفٌ بِهَذِهِ الْأُسْرَةِ عَلَى قِلَّةِ الْعَتَادِ، وَخَذْلَةِ الْأَصْحَابِ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ: [الوافر]