تيسير المطالب في أمالي الإمام أبي طالب،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

الباب الرابع عشر في الخطب والمواعظ وما يتصل بذلك

صفحة 295 - الجزء 1

  فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيُشۡهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلۡبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلۡخِصَامِ ٢٠٤ وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي ٱلۡأَرۡضِ لِيُفۡسِدَ فِيهَا وَيُهۡلِكَ ٱلۡحَرۡثَ وَٱلنَّسۡلَۚ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلۡفَسَادَ ٢٠٥} إِلَى قَوْلِهِ: {وَٱللَّهُ رَءُوفُۢ بِٱلۡعِبَادِ ٢٠٧}⁣[البقرة](⁣١).

  ٣٥٠ - وبه قال: أخبرنا أبو عبدالله أحمد بن محمد البغدادي، قال: حدثنا عبدالعزيز بن إسحاق بن جعفر الكوفي، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن يحيى، قال: حدثنا أحمد بن الوليد عن شَبَابة، عن قيس بن الربيع، عن عمرو بن قيس الْمُلائي، عن أبي صادق قال:

  بَلَغَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ #، أَنَّ خَيْلًا لِمُعَاوِيَةَ أَغَارَتْ عَلَى الْأَنْبَارِ، وَقَتَلُوا بِهَا عَامِلَهُ حَسَّانَ بْنَ حَسَّانَ الْبَكْرِيَّ، فَقَامَ عَلِيٌّ # يَجُرُّ ثَوْبَهُ حَتَّى أَتَى النُّخَيْلَةَ، فَقَالُوا: نَحْنُ نَكْفِيكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: (مَا تَكْفُونِي وَلَا تَكْفُونَ أَنْفُسَكُمْ؟) قَالَ: وَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:

  (إِنَّ هَذَا الْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، مَنْ تَرَكَهُ أَلْبَسَهُ اللهُ الذِّلَّةَ، وَسِيمَ الْخَسْفَ، وَدُيِّثَ بِالصَّغَارِ، وَقَدْ دَعَوْتُكُمْ إِلَى جِهَادِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَسِرًّا وَإِعْلَانًا، وَقُلْتُ لَكُمْ: اغْزُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَغْزُوكُمْ؛ فَوَاللهِ مَا غُزِيَ قَوْمٌ قَطُّ فِي عُقْرِ دَارِهِمْ إِلَّا ذَلُّوا، فَتَثَاقَلْتُمْ وَتَوَاكَلْتُمْ، وَثَقُلَ عَلَيْكُمْ ذَلِكَ حَتَّى شُنَّتْ عَلَيْكُمُ الْغَارَاتُ، هَذَا أَخُو غَامِدٍ قَدْ نَزَلَتْ خَيْلُهُ الْأَنْبَارَ، وَقَتَلُوا حَسَّانَ بْنَ حَسَّانَ وَرِجَالًا صَالِحِينَ وَنِسَاءً، وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ وَالْأُخْرَى الْمُعَاهِدَةِ فَيَنْتَزِعُ رِعَاثَهَا⁣(⁣٢) وَحِجْلَهَا، ثُمَّ انْصَرَفُوا مَوْفُورِينَ، لَمْ يَكْلَمْ أَحَدٌ مِنْهُمْ كَلْمًا؛ وَاللهِ لَوْ أَنَّ امْرَأً مُسْلِمًا مَاتَ مِنْ دُونِ هَذَا أَسَفًا لَمَا كَانَ عِنْدِي بِذَلِكَ مَلُومًا، بَلْ كَانَ عِنْدِي جَدِيرًا.


(١) رواه الإمام القاسم بن محمد # وهو في مجموع كتبه ص ٣٤٤ والسيد العلامة الأوحد الحسن بن الحسين بن محمد ¦ في التعليق الوافي ٣/ ٦٢٠ والسيوطي في الجامع ٣٠/ ٣١٢ والمتقي الهندي في كنز العمال ١٤/ ٥٩٢ وعزياه إلى ابن المنادى بإسناده عن سعد الإسكاف عن الأصبغ.

(٢) رعاث بالكسر للراء وبالعين المهملة ومثلثة بينهما ألف: القِرَطَةُ، واحدتها رَعْثَهٌ ورَعَثَةٌ بالتحريك. وتَرَعَّثَتِ المرأةُ، أي تقرطت. (من الصحاح) (هامش هـ).