الباب الرابع عشر في الخطب والمواعظ وما يتصل بذلك
  ضِغْثٌ، وَمِنْ هَذَا ضِغْثٌ، فَيُمْزَجَانِ، فَيَمْتَزِجَانِ، فَحِينَئِذٍ اسْتَوْلَى الشَّيْطَانُ عَلَى حِزْبِهِ، وَنَجَا حِزْبُ اللهِ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللهِ الْحُسْنَى، أَلَا وَإِنَّ الْبَاطِلَ خَيْلٌ شُمَّسٌ، رَكِبَهَا أَهْلُهَا، وَأَرْسَلُوا أَزِمَّتَهَا، فَسَارَتْ حَتَّى انْتَهَتْ بِهِمْ إِلَى نَارٍ وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ، أَلَا وَإِنَّ الْحَقَّ مَطَايَا ذُلُلٌ رَكِبَهَا أَهْلُهَا، وَأُعْطُوا أَزِمَّتَهَا فَسَارَتْ بِهِمُ الْهَوِينَا حَتَّى أَتَتْ بِهِمْ ظِلًّا ظَلِيلًا، فَعَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ، فَاسْلُكُوا سَبِيلَهُ، وَاعْمَلُوا بِهِ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهِ أَلَا وَإِنَّ مَنْ خَافَ حَذِرَ، وَمَنْ حَذِرَ جَانَبَ السَّيِّئَاتِ، أَلَا وَإِنَّهُ مَنْ جَانَبَ السَّيِّئَاتِ أَدْلَجَ إِلَى الْخَيْرَاتِ فِي السُّرَى، وَمَنْ أَرَادَ سَفَرًا أَعَدَّ لَهُ زَادًا، فَأَعِدُّوا الزَّادَ لِيَوْمِ الْمِيعَادِ، وَاعْمَلُوا لِجَزَاءٍ بَاقٍ، فَإِنِّي وَاللهِ لَمْ أَرَ كَالْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا، وَلَمْ أَرَ كَالنَّارِ نَامَ هَارِبُهَا(١).
  ٣٥٤ - وبه قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني | إملاء، قال: أخبرنا أبو العباس الفضل بن الفضل بن العباس الكندي، قال: حدثنا محمد بن سهل بن ميمون العطار، قال: حدثنا عبدالله بن محمد البَلَوي، قال: حدثنا عُمارة بن زيد، عن عبدالله بن العلاء، عن صالح بن سميع، عن عمرو بن صعصعة بن صوحان، عن أبيه، عن أبي المعتمر قال:
  حَضَرْتُ مَجْلِسَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ # فِي جَامِعِ الْكُوفَةِ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مُصْفَارُّ اللَّوْنِ كَأَنَّهُ مِنْ مُتَهَوِّدَةِ الْيَمَنِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صِفْ لَنَا خَالِقَكَ، وَانْعَتْهُ لَنَا حَتَّى كَأَنَّا نَرَاهُ، وَنَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَسَبَّحَ عَلِيٌّ # رَبَّهُ ø وَعَظَّمَهُ، وَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي هُوَ أَوَّلٌ لَا بِدْأَ مِمَّا وَلَا بَاطِنَ فِيمَا وَلَا مُمَازِجَ مَعَ مَا، وَلَا حَالَّ بِمَا، لَيْسَ بِشَبَحٍ فَيُرَى، وَلَا بِجِسْمٍ فَيَتَجَزَّأَ، وَلَا بِذِي غَايَةٍ فَيَتَنَاهَى، وَلَا بِمُحْدَثٍ فَيَنْصَرِفَ، وَلَا بِمُسْتَتِرٍ فَيَنْكَشِفَ، وَلَا كَانَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، بَلْ حَارَتِ الْأَوْهَامُ أَنْ تُكَيِّفَ الْمُكَيِّفَ
(١) رواها الشريف الرضي ¥ في نهج البلاغة ص ٧١ وفي ص ٨٨، والإمام أحمد بن سليمان # في حقائق المعرفة ص ٣١٥ والشهيد حميد المحلي ¥ في الحدائق الوردية ١/ ١١٥ والسيد العلامة الأوحد الحسن بن الحسين بن محمد ¦ في التعليق الوافي على الشافي ٣/ ٦٢٠ وأبو بكر الدِّينَوري في المجالسة وجواهر العلم ٤/ ١١٦.