الباب الرابع عشر في الخطب والمواعظ وما يتصل بذلك
  سَمِعۡنَا وَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ ٢١}[الأنفال: ٢١] {وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِمَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ ١٠٥}[آل عمران: ١٠٥].
  عِبَادَ اللهِ، إِنَّا نَدْعُوكُمْ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ، وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ، إِنَّ اللهَ دَمَّرَ قَوْمًا اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ، عِبَادَ اللهِ كَأَنَّ الدُّنْيَا إِذَا انْقَطَعَتْ وَتَقَضَّتْ لَمْ تَكُنْ، وَكَأَنَّ مَا هُوَ كَائِنٌ قَدْ نَزَلَ، وَكَأَنَّ مَا هُوَ زَائِلٌ عَنَّا قَدْ رَحَلَ، فَسَارِعُوا فِي الْخَيْرِ، وَاكْتَسِبُوا الْمَعْرُوفَ تَكُونُوا مِنَ اللهِ بِسَبِيلٍ، فَإِنَّهُ مَنْ سَارَعَ فِي الشَّرِّ، وَاكْتَسَبَ الْمُنْكَرَ لَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ.
  أَنَا الْيَوْمَ أَتَكَلَّمُ وَتَسْمَعُونَ وَلَا تَنْصُرُونَ، وَغَدًا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ هَامَةٌ فَتَنْدَمُونَ، وَلَكِنِ اللهُ يَنْصُرُنِي إِذَا رَدَّنِي إلَيْهِ، وَهُوَ الْحَاكِمُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ.
  فَمَنْ سَمِعَ دَعْوَتَنَا هَذِهِ الْجَامِعَةَ غَيْرَ الْمُفَرِّقَةِ، الْعَادِلَةَ غَيْرَ الْجَائِرَةِ، فَأَجَابَ دَعْوَتَنَا، وَأَنَابَ إِلَى سَبِيلِنَا، وَجَاهَدَ بِنَفْسِهِ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ مِنْ أَهْلِ الْبَاطِلِ وَدَعَائِمِ النِّفَاقِ فَلَهُ مَا لَنَا، وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْنَا.
  وَمَنْ رَدَّ عَلَيْنَا دَعْوَتَنَا، وَأَبَى إِجَابَتَنَا، وَاخْتَارَ الدُّنْيَا الزَّائِلَةَ الْآفِلَةَ عَلَى الْآخِرَةِ الْبَاقِيَةِ؛ فَاللهُ مِنْ أُولَئِكَ بَرِيءٌ، وَهُوَ يَحْكُمُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ
  إِذَا لَقِيتُمُ الْقَوْمَ فَادْعُوهُمْ إِلَى أَمْرِكُمْ، فَلَأَنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكُمْ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ.
  وَعَلَيْكُمْ بِسِيرَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ # بِالْبَصْرَةِ وَالشَّامِ: لَا تَتْبَعُوا مُدْبِرًا، وَلَا تُجْهِزُوا عَلَى جَرِيحٍ، وَلَا تَفْتَحُوا بَابًا مُغْلَقًا، وَاللهُ عَلَى مَا أَقُولُ وَكِيلٌ.
  عِبَادَ اللهِ؛ لَا تُقَاتِلُوا عَدُوَّكُمْ عَلَى الشَّكِّ فَتَضِلُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ، وَلَكِنِ الْبَصِيرَةَ ثُمَّ الْقِتَالَ، فَإِنَّ اللهَ يُجَازِي عَنِ الْيَقِينِ أَفْضَلَ جَزَاءٍ يَجْزِي بِهِ عَلَى حَقٍّ، إِنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا يَشُكُّ فِي ضَلَالَتِهَا كَمَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ حَقٍّ.
  عِبَادَ اللهِ الْبَصِيرَةَ الْبَصِيرَةَ.