تيسير المطالب في أمالي الإمام أبي طالب،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

الباب الرابع عشر في الخطب والمواعظ وما يتصل بذلك

صفحة 307 - الجزء 1

  قَالَ أَبُو الْجَارُودِ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ؛ يَبْذُلُ الرَّجُلُ نَفْسَهُ عَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ؟! قَالَ: نَعَمْ، إِنَّ أَكْثَرَ مَنْ تَرَى عَشِقَتْ نُفُوسُهُمُ الدُّنْيَا، فَالطَّمَعُ أَرْدَاهُمْ إِلَّا الْقَلِيلَ الَّذِينَ لَا تَخْطُرُ عَلَى قُلُوبِهِمُ الدُّنْيَا، وَلَا لَهَا يَسْعَوْنَ فَأُولَئِكَ مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُمْ⁣(⁣١).

  ٣٦٠ - وبه قال: أخبرني أبو الحسن البتي ببغداد⁣(⁣٢)، قال: أخبرني أبو الفرج الأصبهاني، قال: أخبرني حسين بن نصر الْمُهَلَّبِي⁣(⁣٣)، عن عمر بن شبة، عن علي بن محمد المدائني، عن أبي بكر الهُذَلي، قال:

  أَتَى أَبَا الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيَّ نَعْيُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ #، وَبَيْعَةُ الْحَسَنِ # فَصَعَدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَ النَّاسَ وَنَعَى عَلِيًّا #، وَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَعْدَاءِ اللهِ الْمَارِقَةِ فِي دِينِهِ اغْتَالَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ - كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ وَمَثْوَاهُ - فِي مَسْجِدِهِ وَهُوَ خَارِجٌ لِتَهَجُّدِهِ فِي لَيْلَةٍ يُرْجَى فِيهَا مُصَادَفَةُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَقَتَلَهُ، فَيَا لَلَّهِ مِنْ قَتِيلٍ! وَأَكْرِمْ بِهِ وَبِرُوحِهِ مِنْ رُوحٍ عَرَجَتْ إِلَى اللهِ بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَالْإِيمَانِ وَالْهُدَى وَالْإحْسَانِ!.

  وَلَقَدْ أَطْفَأَ بِهِ نُورًا للهِ فِي أَرْضِهِ لَا يُضِيءُ بَعْدَهُ، وَهَدَمَ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلامِ لَا يُشَادُ مِثْلُهُ؛ فَإِنّا للهِ وَإنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَعِنْدَ اللهِ نَحْتَسِبُ مُصِيبَتَنَا بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ #، وَرَحِمَهُ اللهُ يَوْمَ وُلِدَ، وَيَوْمَ قُتِلَ، وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا، ثُمَّ بَكَى حَتَّى اخْتَلَجَتْ أَضْلَاعُهُ.

  ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ أَوْصَى بِالْإِمَامَةِ إِلَى ابْنِ رَسُولِ اللهِ، وَابْنِهِ وَسَلِيلِهِ، وَشَبِيهِهِ فِي خَلْقِهِ


(١) انظر أخبار الإمام زيد (ع) ص ٢٠١ و ٢٣٣ لأبي مخنف، ومناقب الإمام زيد بن علي # لأبي القاسم عبدالعزيز بن إسحاق البغدادي خطية، والمحيط في أصول الإمامة خطية، والحدائق الوردية ١/ ٢٤٩ والمنهاج للإمام المهدي محمد بن المطهر # خطية وهداية الراغبين إلى مذهب العترة الطاهرين ص ١٧٤.

(٢) أَبُو الْحُسَيْنِ. نسخة.

(٣) الذي في سند الأغاني: حَبِيبُ بْنُ نَصْرٍ الْمُهَلَّبِيُّ. وهو الصواب، وقد ترجم له الخطيب في تاريخ بغداد ٨/ ٢٤٧ وقال: حَبِيبُ بْنُ نَصْرِ بْنِ زِيَادٍ أَبُو أَحْمَدَ الْمُهَلَّبِيُّ حدث عَنْ مُحَمَّد بْن مهاجر المعروف بأخي حنيف، وَعن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن أَبِي مذعور، وَنحوهما. روى عنه أَبُو الْفَرَج الأَصْبَهَانِيّ، وَعبدالله بْن مُوسَى بْن إسحاق بْن حمزة الهاشمي، وَغيرهما.