الباب الرابع عشر في الخطب والمواعظ وما يتصل بذلك
  وَهَدْيِهِ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَجْبُرَ اللهُ بِهِ مَا وَهَى، وَيَسُدَّ بِهِ مَا انْثَلَمَ، وَيَجْمَعَ الشَّمْلَ، وَيُطْفِئَ بِهِ نِيرَانَ الْفِتْنَةِ، فَبَايِعُوهُ تُرْشَدُوا. فَبَايَعَتِ الشِّيعَةُ كُلُّهَا، وَهَرَبَ قَوْمٌ، فَلَحِقُوا بِمُعَاوِيَةَ(١).
  ٣٦١ - وبه قال: أخبرنا محمد بن علي العبدكي، قال: حدثنا محمد بن يزداذ، قال: حدثني يعقوب بن إسحاق ومحمد بن أبي سهل، قالا: حدثنا محمد بن عمرو، قال: أخبرنا أبو أحمد الزبيري، عن عبدالجبار بن عياش، عن سلمة بن كُهَيْل، عن حُجْرُ بن عدي قال:
  لَمَّا قَفَلَ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ # مِنْ صِفِّينَ وَأَكْثَرَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَالْمُحَكِّمَةُ الْقَوْلَ فِي الْحَكَمَيْنِ أَمَرَ فَنُودِيَ بِالصَّلَاةَ جَامِعَةً، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، ثُمَّ قَالَ: (اللَّهُمَّ هَذَا مَقَامٌ مَنْ فَلَجَ فِيهِ كَانَ أَوْلَى بِالْفَلْجِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ نَطِفَ أَوْ أَوْعَثَ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا، نَشَدْتُكُمُ اللهَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ حَيْثُ رَفَعُوا الْمَصَاحِفَ فَقُلْتُمْ: نُجِيبُهُمْ إِلَى كِتَابِ اللهِ؛ قُلْتُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِأَهْلِ دِينٍ وَلَا قُرْآنٍ، وَلَقَدْ صَحِبْتُهُمْ وَعَرَفْتُهُمْ أَطْفَالًا وَرِجَالًا، وَهُمْ شَرُّ أَطْفَالٍ وَرِجَالٍ.
  امْضُوا عَلَى صِدْقِكُمْ وَحَقِّكُمْ، فَإِنَّمَا رَفَعُوا الْمَصَاحِفَ خَدِيعَةً وَمَكِيدَةً، فَرَدَدْتُمْ قَوْلِي، وَقُلْتُمْ: لَا، بَلْ نَقْبَلُ مِنْهُمْ، فَقُلْتُ لَكُمْ: اذْكُرُوا قَوْلِي لَكُمْ وَمَعْصِيَتَكُمْ إِيَّايَ، وَإِذْ أَبَيْتُمْ إِلَّا الْكِتَابَ اشْتَرَطْتُ عَلَى الْحَكَمَيْنِ أَنْ يُحْيِيَا مَا أَحْيَا الْقُرْآنُ، وَأَنْ يُمِيتَا مَا أَمَاتَ الْقُرْآنُ؛ لِأَنَّهُمَا إِنْ حَكَمَا بِحُكْمِ الْقُرْآنِ لَمْ يَكُنْ لَنَا خِلَافٌ عَلَى مَنْ حَكَمَ بِمَا فِي الْقُرْآنِ، وَإِنْ أَبَيَا كُنَّا مِنْ حُكْمِهِمَا بَرَأَئً وَكُنَّا عَلَى رَأْسِ أَمْرِنَا.
  قَالُوا: أَفَعَدْلٌ تَحْكِيمُ الرِّجَالِ فِي الدِّمَاءِ؟.
  قَالَ: إِنَّا لَسْنَا الرِّجَالَ حَكَّمْنَا، إِنَّمَا حَكَّمْنَا الْقُرْآنَ، وَهَذَا الْقُرْآنُ إِنَّمَا هُو خَطُّ
(١) رواه أبو الفرج في الأغاني ١٢/ ٥٠٣، والإمام أحمد بن سليمان # في حقائق المعرفة ص ٤٦٩، والشهيد حميد في الحدائق ١/ ١٦٧.