تيسير المطالب في أمالي الإمام أبي طالب،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

الباب الرابع عشر في الخطب والمواعظ وما يتصل بذلك

صفحة 312 - الجزء 1

  رِسَالَاتِ رَبِّهِ، وَجَاهَدَ فِي اللهِ الْمُوَلِّينَ عَنْهُ الْعَادِلِينَ بِهِ، وَعَبَدَ اللهَ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ، صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ.

  أُوصِيكُمْ وَنَفْسِيَ بِتَقْوَى اللهِ الَّذِي لَا تَنْفَدُ مِنْهُ نِعْمَةٌ، وَلَا تُفْقَدُ لَهُ رَحْمَةٌ، الَّذِي رَغَّبَ فِي التَّقْوَى، وَزَهَّدَ مِنَ الدُّنْيَا، وَحَذَّرَ مِنَ الْمَعَاصِي، وَتَعَزَّزَ بِالْبَقَاءِ، وَذَلَّلَ خَلْقَهُ بِالْمَوْتِ وَالْفَنَاءِ، فَالْمَوْتُ غَايَةُ الْمَخْلُوقِينَ، وَسَبِيلُ الْعَالَمِينَ، وَمَعْقُودٌ بِنَوَاصِي الْبَاقِينَ، فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَادْعُوهُ يَسْتَجِبْ لَكُمْ، وَأَدُّوا فِطْرَتَكُمْ فَإِنَّهَا سُنَّةٌ مِنْ نَبِيئِكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، وَهِيَ لَازِمَةٌ لَكُمْ، وَاجِبَةٌ عَلَيْكُمْ، فَلْيُؤَدِّهَا كُلُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ، عَنْ عِيَالِهِ ذَكَرِهِمْ وَأُنْثَاهُمْ، صَغِيرِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ، حُرِّهِمْ وَمَمْلُوكِهِمْ، عَنْ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ - قال أبو العباس |: وسمعنا من رواية أخرى: صَاعًا مِنْ بُرٍّ⁣(⁣١) - أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ، فَأَطِيعُوا اللهَ فِيمَا فَرَضَ عَلَيْكُمْ، وَأَمَرَكُمْ بِهِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، وَصَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَالْإِحْسَانِ إِلَى نِسَائِكُمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ.

  وَأَطِيعُوا اللهَ فِيمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ مِنْ قَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ، وَإِتْيَانِ الْفَاحِشَاتِ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَبَخْسِ الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ، وَشَهَادَةِ الزُّورِ، وَالْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ، عَصَمَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ بِالتَّقْوَى، وَجَعَلَ الْآخِرَةَ خَيْرًا لَنَا وَلَكُمْ مِنَ الْأُولَى، إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ وَأَبْلَغَ الْمَوْعِظَةِ كِتَابُ اللهِ، أَعُوذُ بِاللهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ، ثُمَّ قَرَأَ {قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ١}، ثُمَّ جَلَسَ، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ، أَحْمَدُهُ وَأَسْتَعِينُهُ، وَأُؤْمِنُ بِهِ وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ، وَأَسْتَهْدِي اللهَ الْهُدَى، وَأَعُوذُ بِهِ مِنَ الضَّلَالَةِ وَالرَّدَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَرْدًا صَمَدًا، لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، أَرْسَلَهُ عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ وَانْقِطَاعٍ مِنَ الْوَحْيِ، وَطُمُوسٍ مِنَ الْعِلْمِ، وَدُرُوسٍ مِنْ مَعَالِمِ


(١) روى أبو مخنف من طريق جندب بن عبدالله الأزدي عن أبيه هذه الخطبة وذكر صاعا من بر وأخرج ذلك البروجردي في جامع أحاديث الشيعة ٦/ ٢٨٠.