تيسير المطالب في أمالي الإمام أبي طالب،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

الباب الرابع عشر في الخطب والمواعظ وما يتصل بذلك

صفحة 313 - الجزء 1

  الْهُدَى، فَصَدَعَ بِوَحْيِهِ، وَجَلَى غَمَرَاتِ الظُّلَمِ بِنُورِهِ، وَقَمَعَ مُشْرِفَ الْبَاطِلِ بِحَقِّهِ حَتَّى أَنَارَ الْإِسْلامَ، وَوَضَحَتِ الْأَحْكَامُ، فَصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَعَلَيْهِمْ رَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

  أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللهِ بِتَقْوَى اللهِ، وَالِاعْتِصَامِ بِوَثَائِقِ عُرَاهَا، وَالْمُوَاظَبَةِ عَلَى رِعَايَتِهَا؛ فَإِنَّهَا جُنَّةٌ حَصِينَةٌ، وَعُقْدَةٌ مَتِينَةٌ، وَغَنِيمَةٌ مُغْتَنَمَةٌ، قَبْلَ أَنْ يُحَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا بِانْقِطَاعٍ مِنَ الْآجَالِ، وَحُدُوثٍ مِنَ الزَّوَالِ، وَدُنُوٍّ مِنَ الِانْتِقَالِ.

  فَاذْكُرُوا مَنْ فَارَقَ الدُّنْيَا وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهَا فِكَاكَ رَهْنِهِ، وَلَا بَرَاءَةَ أَمْنِهِ، فَخَرَجَ مِنْهَا سَلِيبًا مَحْسُورًا، قَدْ أَتْعَبَ الْمَلَائِكَةَ نَفْسَهُ الَّتِي هِيَ مُطَّلِعَةٌ عَلَيْهَا، وَهُوَ مُسْوَدٌّ وَجْهُهُ، مُزْرَقَّةٌ عَيْنَاهُ، بَادِيَةٌ عَوْرَتُهُ، يَدْعُو بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ، لَا يُرْحَمُ دُعَاؤُهُ، وَلَا يُفَتَّرُ عَنْهُ مِنْ عَذَابِهَا؛ كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ.

  وَاذْكُرُوا مَنْ فَارَقَ الدُّنْيَا، وَقَدْ أَخَذَ مِنْهَا فِكَاكَ رَهْنِهِ، وَبَرَاءَةَ أَمْنِهِ، فَخَرَجَ مِنْهَا آمِنًا مَرْحُومًا مُوَفَّقًا مَعْصُومًا، قَدْ ظَفِرَ بِالسَّعَادَةِ، وَفَازَ بِالْخُلُودِ، وَأَقَامَ بِدَارِ الْحَيَوَانِ، وَعِيشَةِ الرِّضْوَانِ، حَيْثُ لَا تَنُوبُ الْفَجَائِعُ، وَلَا تَحُلُّ الْقَوَارِعُ، وَلَا تَمُوتُ النُّفُوسُ، عَطَاؤُهُمْ غَيْرُ مَجْذُوذٍ).

  ثم أخذ في الدعاء للمؤمنين والمؤمنات، ودعا على أهل الشرك، ثم قرأ: {۞إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَٱلۡإِحۡسَٰنِ} ... إلى آخر الآية [النحل: ٩٠](⁣١).

  ٣٦٥ - (حِكَايَةٌ) وبه قال: حكى القاضي أبو عبدالله الوليدي في كتاب الألفاظ، قال: سَمِعْتُ النَّاصِرَ لِلْحَقِّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ # يَقُولُ فِي بَعْضِ مَا كَانَ يُخَاطِبُ فِيهِ أَهْلَ مَجْلِسِهِ وَيَعِظُهُمْ بِهِ:

  (أَيُّهَا النَّاسُ؛ اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ كَمَا أَمَرَكُمُ اللهُ، وَأْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْا، عَنِ الْمُنْكَرِ، وَجَاهِدُوا رَحِمَكُمُ اللهُ فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَعَادُوا الْأَبْنَاءَ وَالْآبَاءَ


(١) رواها الصدوق في من لا يحضره الفقيه في كتاب العيدين ١/ ٣٢٥، والبروجردي في جامع أحاديث الشيعة ٦/ ٢٧٥ - ٢٨١، وروى بعضها الشريف ¥ في نهج البلاغة ص ٧١ - ٨٥ والسيد العلامة الأوحد الحسن بن الحسين بن محمد ¦ في التعليق الوافي على الشافي ٣/ ٦٢١.