الباب السابع والثلاثون في الأدب والإرشاد إلى مكارم الأخلاق وما يتصل بذلك
  ٧٥٤ - (حِكَايَةٌ) وبه قال: حدثني أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون المنجم ببغداد، قال: حدثنا أبي، قال: أخبرنا محمد بن العباس اليزيدي، عن محمد بن إسحاق البغوي، قال: أخبرني إسحاق بن إبراهيم الموصلي: أَنَّ بَعْضَهُمْ عَادَ مَرِيضًا فَقَالَ: [الكامل]
  أَعْزِزْ عَلَيَّ بِأَنْ أَزُورَكَ عَائِدًا ... أَوْ أَنْ أَرَى بِفِنَائِكَ الْعُوَّادَا(١)
  قَالَ: وَحَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنَا الْجَاحِظُ(٢): [الطويل]
  فَلَا تَجْزَعَنْ مِنْ سِيرَةٍ أَنْتَ سِرْتَهَا ... فَأَوَّلُ رَاضٍ سُنَّةً مَنْ يَسِيرُهَا(٣)
  ٧٥٥ - (حِكَايَةٌ) وبه قال: حدثنا أبو الفضل محمد بن الحسن بن الفضل بن المأمون، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن بشار الأنباري، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، عن الأثرم، عن أبي عبيدة، قال: لَمَّا أَنْشَدَ رُؤْبَةُ قَصِيدَتَهُ الْقَافِيَّةَ: [الرجز]
  فِيهَا خُطُوطٌ مِنْ سَوَادٍ وَبَلَقْ ... كَأَّنَّهُ فِي الْجِلْدِ تَوْلِيعُ الْبَهَقْ(٤)
  فَقُلْتُ لَهُ: إِنْ أَرَدْتَ الْخُطُوطَ فَقُلْ: كَأَنَّهَا، وَإِنْ أَرَدْتَ السَّوَادَ وَالْبَلَقَ فَقُلْ: كَأَنَّهُمَا، قَالَ: وَيْلَكَ يَا مَجْنُونُ أَرَدْتُ: كَأَنَّ ذَلِكَ(٥).
(١) الزمخشري في ربيع الأبرار ونصوص الأخيار ٥/ ٦٧.
(٢) البيت لخَالِدِ بْنِ زهير جوابا لأبي ذُؤَيْب الهذلي.
(٣) أبو بكر الخُوَارِزْمي في الأمثال المولدة ص ٤١٢، وابن حمدون في التذكرة الحمدونية ٧/ ٢١٢، وعبد القادر البغدادي في خزانة الأدب ٥/ ٨٤، والتبريزي في شرح ديوان الحماسة ٢/ ١٨٣،.
(٤) الْبَلَقُ: سوادٌ وبياضٌ، وكذلك الْبُلْقَةُ بالضم. التَّوْلِيعَ استطالة الْبَلَقِ. الْبَهَقُ: بياضٌ يعتري الْجِلد يخالف لونَه، ليس من البرص. فتشبيه رؤبة ليس القصد فيه أن يريك كل لون على الانفراد، وإنما القصد أن يرى الشّبه من اجتماع اللونين.
(٥) قال أبو عبيدة مَعْمَر بن المثنى في مجاز القرآن ١/ ٤٣ في تأويل قوله تعالى «إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ»: لا فارض: مسنّة، ولا بكر: صغيرة. «بَيْنَ ذلِكَ»: والعرب تقول: لا كذا ولا كذا ولكن بين ذلك فمجاز هذه الآية: بين هذا الوصف، ولذلك قال: بين ذلك، وقال رؤبة: فيها خطوط من سواد وبلق. فالخطوط مؤنثة، والسواد والبلق اثنان، ثم قال: كأنه في الجلد توليع البهق. قال أبو عبيدة: فقلت لرؤبة: إن كانت خطوط فقل كأنها، وإن كان سواد وبلق فقل: كأنهما، فقال: كأنّ ذاك ويلك توليع البهق. انتهى.