تيسير المطالب في أمالي الإمام أبي طالب،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

الباب الحادي والأربعون في ذكر أخبار عبد المطلب وأبي طالب وما يتصل بذلك

صفحة 560 - الجزء 1


=وقد قال أمير المؤمنين علي #: (ما عَبَدَ أبي ولا جدّي عبد المطلب ولا هاشم ولا عبد مناف صنمًا قطّ، كانوا يصلّون إلى البيتِ على دين إبراهيم الخليل متمسِّكين به) رواه أبو العباس الحسني ¥ بسنده إلى علي #. وقال أبو طالب للنبي ÷: ما أشدَّ تصديقنا لحديثكَ وأَقْبَلَنا لِنُصْحِكَ ... إلى أن قال: وبالغيبِ آمنَّا ... إلخ.

وقد رُوِي عن علي بن محمد الباقر أنه سُئِلَ عما يقوله الناس في إيمانِ أبي طالب، فقال: «لو وُزِنَ إيمانُ أبي طالب وإيمانُ هذا الخلقِ لرَجَحَ إيمانُه، ثم قال: ألم تعلموا أنّ أمير المؤمنين عليًّا # كان يَأْمُرُ أنْ يُحَجَّ عن عبدالله وأبيه وأبي طالب في حياته، ثم أوصى في وصيّته بالحجِّ عنهم».

وعنه ÷: «إذا كان يوم القيامة شَفَعْتُ لأبي وأمي وعمّي أبي طالب» رواه المحبّ الطبري. انتهى من تفريج الكروب، ورواه ابن عساكر عن ابن عمر، وأخرجه عنه تمام الرازي.

ومما رواه الإمام الحسن بن بدر الدين # عن ابن عمر: قال: جاء أبو بكر إلى النبي ÷ ... إلى قوله: والذي بعثكَ بالحقِّ نبيًّا لأَنا بإسلام أبي طالب أشدّ فَرَحًا بإسلام أبي، قال النبي ÷: «صدقت». وروى أيضًا عن علي #: أن النبي ÷ لما أُخْبِرَ بموتِ أبي طالب بكى، وقال: «اذهبْ فاغسِلْه وكفّنه» ..... إلى قوله: «غفرَ الله له ورحمه». انتهى.

وعن ابن عباس أن النبي ÷ عارَضَ جنازةَ أبي طالب، فقال: «وَصَلَتْكَ رَحِمٌ وجُزِيتَ خيرًا ياعمِّ» أخرجه ابن عدي.

ولما مات أبو طالب أمرَ رسول الله ÷ بغسله وكفنه، ثم كَشَفَ عن وجْهِهِ، فمسحَ بيده اليمنى على جبهته اليمنى ثلاثًا، ثم مسحَ بيده اليسرى على جبهته اليسرى ثلاثًا، ثم قال: «كَفِلْتَني يتيمًا، وربّيتني صغيرًا، ونصرتني كبيرًا، فجزاكَ الله عنِّي خيرًا» رواه أبو العباس الحسني عن الباقر $.

ولما قاربَ أبو طالب الموت، قال العباس له ÷: «والله يا ابنَ أخي لقد قالَ الكلمةَ التي أَمَرْتَهُ بها أن يقولها»، رواه ابن هشام، والحلبي في سيرته، وصاحب الاكتفاء، وحكى في فتح الباري عن ابن إسحاق بسنده إلى ابن عباس مثله. قال: وقد ذكر السهيلي أنه رأى في بعض كتب المسعودي أنه أَسْلَمَ.

وروى الإمام أبو طالب بسنده إلى زين العابدين قال: قال النبي ÷: «يُبْعَثُ عبد المطلب يوم القيامةِ أمّة وحده». وقد روى المسيب أن أبا طالب قال: أنا على مِلَّةِ عبد المطلب، وعبد المطلب كان على دين إبراهيم مصدِّقًا بمحمد ÷.وما أحسن قول ابن أبي الحديد:

وَلَوْلا أبو طَالبٍ وابْنُهُ ... لما مثل الدينُ شَخْصًا فقَاما

فهذا بمكَّةَ آوى وحامى ... وهذا بيثرب جَسَّ الْحِماما

تكفَّلَ عبد منافٍ بأَمْرٍ ... فكان عليٌّ لذاكَ تَماما

فأما ما ترويه العامَّة مما يفيد عدمَ إيمانِه - فانْحِرافُهم عن الطالبيّين وميلُهم إلى موافقةِ غَرَضِ الدّوْلَتيْنِ مما يحملهم على الْوَضْعِ وقَبُولِ ما وُضِعَ، وتزييف ما خالْفَ هواهم، فعليكم بالثقل الأصغر تنجوا يوم الفزع الأكبر، والله المستعان، انتهى أغلبه من التخريج.

ومما يدلّ دلالة صريحة بما ذكرناه من هذا البيت الطاهر الشريف ما رواه أهل السير والتاريخ من قصّة عبدالله بن عبد المطلب مع الْكَاهِنَةِ التي تعرَّضَتْ له، وذلك ما رواه أبو العباس الحسني ¥ قال: أخبرنا عمر بن أبي سلمة الخزاعي، قال حدثنا بدر بن الهيثم، قال: حدثنا علي بن حرب، قال: حدثنا محمد بن عمارة القرشي عن مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: لما خرج عبد المطلب بن هاشم بابنه عبدالله ليزوّجه؛ مَرَّ به على كاهنة من أهل تبالة قد قرأت الكتبَ كلَّها متهوِّدَة يقال لها فاطمة =