الباب الثالث والأربعون في الترغيب في الزهد وما يتصل بذلك
  فَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَاوُدَ # خَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ لَسَاعَةٌ لَا يَدْعُو اللهَ فِيهَا أَحَدٌ إِلَّا اسْتَجَابَ لَهُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ شُرْطِيًّا أَوْ عَرِيفًا أَوْ صَاحِبَ كُوبَةٍ، أَوْ صَاحِبَ عَرْطَبَةٍ)(١).
  ٨٠٤ - وبه قال: أخبرنا أبي |، قال: أخبرنا عبدالله بن أحمد بن سلَّام، قال: أخبرنا أبي، قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا عبدالله بن داهر، عن عمرو بن جَمِيع، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي $ قال:
  قَالَ رَسُولُ اللهِ ÷: «هَلْ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُعْطِيَهُ اللهُ عِلْمًا بِغَيْرِ تَعَلُّمٍ؟ هَلْ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُعْطِيَهُ اللهُ هُدًى بِغَيْرِ هِدَايَةٍ؟ وَهَلْ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُذْهِبَ اللهُ عَنْهُ الْعَمَى وَيَجْعَلَهُ بَصِيرًا(٢)؟ أَلَا إِنَّهُ مَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا، وَقَصَّرَ فِيهَا أَمَلَهُ أَعْطَاهُ اللهُ عِلْمًا بِغَيْرِ تَعَلُّمٍ، وَهُدًى بِغَيْرِ هِدَايَةٍ، أَلَا وَإِنَّهُ مَنْ رَغِبَ فِي الدُّنْيَا، وَطَالَ فِيهَا أَمَلُهُ أَعْمَى اللهُ قَلْبَهُ عَلَى قَدْرِ رَغْبَتِهِ فِيهَا، أَلَا وَإِنَّهُ سَيَكُونُ أَقْوَامٌ لَا يَسْتَقِيمُ لَهُمُ الْمُلْكُ إِلَّا بِالْقَتْلِ وَالتَّجَبُّرِ، وَلَا يَسْتَقِيمُ لَهُمُ الْغِنَى إِلَّا بِالْبُخْلِ وَالْفَخْرِ(٣)، وَلَا تَسْتَقِيمُ لَهُمُ الْمَحَبَّةُ فِي النَّاسِ إِلَّا بِاتِّبَاعِ الْهَوَى، أَلَا فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ ذَلِكَ فَصَبَرَ عَلَى الذُّلِّ وَهُوَ
= الشّطْرَنْجُ، والطَّبْلُ الصَّغيرُ الْمُخَصَّرُ، والْفِهْرُ، والْبَرْبَطُ. قاموس ص ١٣٣، والْعَرْطَبَةُ: الْعُودُ، أو الطُّنْبورُ، أو الطَّبْلُ، أو طَبْلُ الْحَبَشَةِ، ويُضَمُّ. قاموس ص ١١٤، والشُّرْطَةُ، بالضم: ما اشْتَرَطْتَ، يقالُ: خُذْ شُرْطَتَكَ، وواحِدُ الشُّرَطِ، كصُرَدٍ، وهُمْ أولُ كَتِيبَةٍ تَشْهَدُ الْحَرْبَ، وتَتَهَيَّأ للمَوْتِ، وطائِفَةٌ من أعوانِ الْوُلاةِ م، وهو شُرَطِيٌّ، كتُرْكِيٍّ وجُهَنِيٍّ، سُمُّوا بذلك، لأَنَّهُمْ أعْلَمُوا أنْفُسَهم بعَلاماتٍ يُعْرَفُونَ بها. قاموس ص ٦٧٣.
(١) قد روي من عدة طرق عن نوف مع زيادة ونقص في بعض الروايات. رواه القاضي محمد بن سليمان الكوفي ¥ في المناقب ٢/ ٥٧٨، وأبو الحسن الطبري في نزهة الأبصار ومحاسن الآثار ص ٣٤٦، والشريف الرضي ¥ في نهج البلاغة ص ٤٨٦، والإمام الموفق بالله # في الاعتبار وسلوة العارفين ص ٥١، والسيد العلامة الأوحد الحسن بن الحسين بن محمد ¦ في التعليق الوافي على كتاب الشافي ١/ ٥٧٥، والآبي في نثر الدر في المحاضرات ١/ ٢١٢، والإسكافي في المعيار والموازنة ص ٢٦٣، وابن أبي الدنيا في التواضع والخمول ص ١٥.
(٢) في أكثر النسخ: «هل» بدون واو في الجميع [أي جمل الاستفهام الثلاث].
(٣) ضبط بالفاء مفتوحة ومضمومة وبالخاء والجيم تمت «الْفَخْرِ» و «الْفُجْر».